للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبطن فكان أقرب إلى كلِّ شيء من نفسه، وهو محيط به حيث لا يحيط الشيء بنفسه، وكل شيء في قبضته، وليس (١) في قبضة نفسه، فهذا قرب الإحاطة العامة (٢).

وأما القرب المذكور في القرآن والسنة فقربٌ خاصٌّ من عابديه وسائليه وداعيه، وهو من ثمرة التعبد باسمه "الباطن"، قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة/ ١٨٦]، فهذا قربه من داعيه.

وقال تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف/ ٥٦] فذكَّر (٣) الخبر -وهو"قريب"- عن لفظ "الرحمة" وهي مؤنثة إيذانًا بقربه تعالى من المحسن (٤)، فكأنَّهُ قال: إنَّ اللَّه برحمته قريبٌ من المحسنين (٥).

وفي الصحيح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦): "أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد" (٧) و"أقرب ما يكون الرب من عبده في جوف الليل" (٨)، فهذا


(١) "ط": "وليس شيء".
(٢) "ط": "أقرب للأحاطة العامة"، غلط.
(٣) في الأصل: "فوحد"، وهو سهو، وكذا في "ف، ن".
(٤) "ك، ط": "المحسنين".
(٥) وانظر كلامًا مستفيضًا للمؤلف على هذه المسألة في بدائع الفوائد (٨٦٢ - ٨٨٩). وانظر أيضًا: رسالتي الروذراوري وابن مالك (ط سليمان العايد) ورسالة ابن هشام (ط الحموز).
(٦) زاد في "ط": "قال".
(٧) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. أخرجه مسلم في كتاب الصلاة (٤٨٢).
(٨) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩)، والنسائي (٥٧٢)، وابن خزيمة في صحيحه (١١٤٧)، والحاكم في المستدرك (١/ ٤٥٣) (١١٦٢) وغيرهم. قال الترمذي: =