للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى سفيان الثوري عن خالد الحذَّاء، عن عبد اللَّه بن الحارث قال: قام عمر بن الخطاب بالجابية (١) خطيبًا فقال في خطبته: "من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له" وعنده الجاثَليقُ (٢) يسمع ما يقول، قال: فنفَضَ ثوبَه كهيئة المنكِر، فقال عمر: ما يقول؟ (٣) قالوا: يا أمير المؤمنين، يزعمُ أنَّ اللَّه لا يضل أحدًا، قال: "كذبتَ يا عدوَّ اللَّه، بل اللَّه خلقك وهو أضلَّكَ، وهو يُدخِلُك النَّارَ إن شاء اللَّه. أما واللَّه، لولا وَلْثُ عهدٍ (٤) لك لضربتُ عنقك، إنَّ اللَّه خلقَ الخلقَ فخلَق أهل الجنَّة وما هم عاملون، وخلَقَ أهل النارِ وما هم عاملون، قال: هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه" (٥).

وذكر الطبري عن أبي بكر الصديق قال: "خلق اللَّه الخلقَ فكانوا في قبضته، فقال لمن في يمينه: ادخلوا الجنَّة بسلام، وقال لمن في يده الأخرى: ادخلوا النَّار ولا أبالي، فذهَبتْ إلى يوم القيامة" (٦).

وقال ابن عمر: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: أرأيتَ الزنى بقدَر اللَّه؟ فقال: نعم. قال: فإنَّ اللَّه قدَّره على ثمَّ يعذبني؟ قال: "نعم يا ابن اللَّخْناءِ، أما واللَّه لو كان عندي إنسان أمرتُ أن يجَأ


(١) "الجابية" ساقط من "ك، ط".
(٢) رئيس الأساقفة عند النصارى. انظر: القول الأصيل (٧٤).
(٣) "ط": "تقولون".
(٤) "ولث" ساقط من "طـ". والوَلْث: بقية العهد، وقيل: الضعيف من العهد. اللسان (ولث).
(٥) أخرجه عبد اللَّه بن أحمد في السنة (٩٢٩)، والآجري في الشريعة (٤١٧)، واللالكائي (١١٩٧) وغيرهم (ز).
(٦) أخرجه الآجري في الشريعة (٤١٥)، واللالكائي (١٢٠٤)، وفي سنده انقطاع.