للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يحمل السيل من الغثاء والوسخ وغيره زبدًا عاليًا على وجه السيل. فالذي لا يعرف ما تحت الزبد يقصرُ نظرَه عليه، ولا يرى إلا غثاءً ووسخًا ونحو ذلك، ولا يرى ما تحته من مادة الحياة. وكذلك ما يستخرج من المعادن من الذهب والفضة والحديد والنحاس (١) وغيرها، إذا أُوقِد عليها في النار لتتهيأ للانتفاع (٢) بها خرَج منها خَبَثٌ ليس من جوهرها ولا يُنتفَع به. وهذا لا بدَّ منه في هذا وهذا (٣).

وقد ذمّ تعالى من ضعفت بصيرتُه من المنافقين، وعميَ عمّا في القرآن ممّا به يُنال كل سعادة وعلم وهدىً وصلاح وخير في الدنيا والآخرة، ولم يجاوز (٤) بصرُه وسمعُه رعودَ وعيده وبروقَها وصواعقَها، وما أعدّ اللَّه لأعدائه من عذابه ونكاله وخزيه وعقابه، الَّذي هو -بالإضافة إلى ما فيه من حياة القلوب والأرواح، ومن (٥) المعارف الإلهية، وتبيين (٦) طريق العبودية التي هي غاية كمال العبد- يسيرٌ (٧)، وهو مقصود لتكميل ذلك وتمامه.

قال تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ


(١) "ف": "النحاس والحديد" خلافًا للأصل وغيره.
(٢) "ك، ط": "ليتهيأ الانتفاع".
(٣) في "ط" زيادة: "يجاوزه بصره"، ولعلها من آثار مجاوزة البصر!
(٤) "ط": "لمن لم يجاوز".
(٥) "من" ساقط من "ك".
(٦) ك": "وتبين"، "ط": "يبين".
(٧) "يسير" سقط من "ك، ط"، فاختلَّ معنى الجملة مع إصلاحها في "ط".