للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)} [البقرة/ ١٧ - ٢٠]. فهكذا حال كل من قصَر نظرَه في بعض مخلوقات الربِّ تعالى على ما لابدّ منه من شرٍّ جزئيّ جدًّا بالإضافة إلى الخير الكثير.

ولو لم يكن (١) في هذه النشأة الإنسانية إلا خاصّته وأولياؤه من رسله وأنبيائه وأتباعهم لكفى بها خيرًا ومصلحة، ومَن عداهم (٢) -وإن كانوا أضعافَ أضعافِهم- فهم كالقَشّ والزبالة وغثاء السيل، لا يُعْبَأ بكثرتهم، ولا يقدح في الحكمة الإلهية، بل وجود الواحد الكامل من هذا النوع يغتفَر معه آلاف (٣) مؤلَّفة من النوع الآخر. فإنّه إذا وُجد واحدٌ يوازن البريّةَ ويرجَح عليها كان الخيرُ الحاصلُ بوجوده والحكَمة والمصلحة أضعافَ الشرّ الحاصل من وجود أضداده، وأثبتَ وأنفعَ وأحبَّ إلى اللَّه من فواته (٤)، بتفويت ذلك الشرِّ المقابل له.

وهذا كالشمس، فإنّ الخير الحاصل بها أنفع للخلق وأكثر وأثبت وأصلح من تفويته بتفويت الشرّ المقابل له بها. وأين نفعُ الشمس وصلاحُ النبات والحيوان بها مِن نفع الرسلِ وصلاحِ الوجود بهم؟ بل أين ذلك من نفعِ سيّدِ ولدِ آدم، وصلاحِ القلوب و (٥) الأبدان والدنيا والآخرة به؟

وقد ضُرب للنفس الإنسانية وما فيها من الخير والشرّ مثَلٌ بدولاب أو


(١) "ط": "تكن".
(٢) "ط": "عاداهم"، وكذا كان في "ك" ثمَّ أصلح في المتن.
(٣) "ك، ط": "لآلاف".
(٤) "ط": "فوته"، وأصلح في القطرية.
(٥) "ك، ط": "صلاح الأبدان والدين والدنيا".