للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت. ولمَّا كان سبحانه يحب أسماءَه وصفاته كان أحب خلقه (١) إليه من اتصف بالصفات التي يحبها، وأبغضهم (٢) إليه من اتصفَ بالصفاتِ التي يكرهها. فإنَّما أبغضَ من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت؛ لأنَّ اتصافه بها ظلم، إذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه، لمنافاتها لصفات العبيد، وخروجِ من اتَّصف بها من رِبقة العبودية، ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعدّيه طورَه وحدّه. وهذا بخلافِ (٣) ما تقدم من الصفات كالعلمِ والعدلِ والرحمة والإحسان والصبر والشكر، فإنَّها لا تنافي العبودية، بل اتصافُ العبد بها من كمال عبوديته، إذ المتصف بها من العبيد لم يتعدَّ طورَه ولم يخرج بها من دائرة العبودية.

والمقصود أنَّه سبحانه لكمال أسمائه وصفاته موصوفٌ بكلِّ صفة كمال، منزَّهٌ عن كلِّ نقص، له كلُّ ثناءٍ حسن، ولا يصدر عنه إلا كلُّ فعلٍ جميل، ولا يُسمَّى إلا بأحسن الأسماءِ، ولا يُثنَى عليه إلا بأكمل الثناءِ. وهو المحمود المحبوب المعظم ذو الجلال والإكرام على كلِّ ما خلقه وقدَّره (٤)، وعلى كلِّ ما أمر به وشرعه.

ومن كان له نصيبٌ من معرفة أسمائه الحسنى واستقرى (٥) آثارها في الخلقِ والأمر، رأى الخلق والأمر منتظمَين بها أكمل انتظام، ورأى


(١) "ك، ط": "الخلق".
(٢) "ب": "وأبغض خلقه".
(٣) "ك، ط": "خلاف".
(٤) "ك، ط": "قدره وخلقه".
(٥) "ب": "واستقراء"، وهي قراءة محتملة.