للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهما، فاقتضت [بذنيك] النفسين (١) آثارًا ظهرت في هذه الدار كانت دليلًا وعبرة عليها (٢). وقد أشار تعالى إلى هذ المعنى، ونبَّه (٣) عليه بقوله فى نار الدنيا: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)} [الواقعة/ ٧٣] تذكرةَ تُذِّكر بنار الآخرة (٤)، ومنفعةً للنازلين بالقَواءِ، وهم المسافرون. يُقال: أقوى الرجلُ، إذا نزل بالقِيِّ والقَوَاءِ، وهي الأرض الخالية. وخص المقوين بالذكر (٥)، وإن كانت منفعتُها عامَّةً للمسافرين والمقيمين، تنبيها لعباده -واللَّه أعلم بمراده من كلامه- على أنَّهم كلهم مسافرون، وأنَّهم في هذه الدار على جناح سفر ليسوا (٦) مقيمين ولا مستوطنين، وأنَّهم عابرو سبيل وأبناء سفر.

والمقصود: أنَّهُ سبحانه أشهدَهم (٧) في هذه (٨) ما أعدَّ لأوليائه وأعدائه في دار القرار، وأخرج إلى هذه الدار من آثار رحمته وعقوبته ما هو عبرة ودلالة على ما هناك من خيرٍ وشرٍ. وجعل هذه العقوبات والآلام والمحن والبلايا سياطًا (٩) يسوقُ بها عبادَه المؤمنين، فإذا رأوها حذِروا


(١) في الأصل و"ف، ك": "فاقتضت تلك النفسين"، وفي "ف" تحت "النفسين": "النفس ظ"، وفي الحاشية: "النفسان صح". وفي "ن": "فاقتضت بذلك النفسين". وفي "ب": "فأفاضت بالنفسين". وفي "ط": "فاقتضى ذانك النفسان".
(٢) "ط": "دليلًا عليها وعبرة".
(٣) قراءة "ف": "ذنبه".
(٤) "ب، ك، ط": "بها الآخرة".
(٥) "ف": "بالدار". خلاف الأصل وهو تحريف.
(٦) "ط": "ليسوا هم".
(٧) "هم" ساقط من "ط".
(٨) "ب": "هذه الدار"، وزاد كلمة "الدار" في "ط" بين حاصرتين.
(٩) "ف": "سببًا لها" تحريف.