للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّك قد بعتَ الحياة وطيبَها ... بلذَّة حُلْمٍ عن قليلٍ ستذهَبُ (١)

فهلَّا عكستَ الأمر إن كنتَ حازمًا ... ولكن أضعتَ الحزمَ والحكمُ يغلِبُ

تصدُّ وتنأى عن حبيبك دائمًا ... فأينَ عن الأحباب ويحَكَ تذهبُ

ستعلَمُ يومَ الحشرِ أيَّ تجارةٍ ... أضعتَ إذا تلك الموازينُ تُنصَبُ

قالوا: فهكذا هذه الآيات التي في سورة الملائكة، ذكر فيها الأقسام الثلاثة: الظالم لنفسه وهو من أصحاب الشمال، وذكر المقتصد وهو من أصحاب اليمين، وذكر السابقين وهم المقربون.

قالوا: وليسَ في الآيةِ ما يدلُّ على اختصاص الكتاب بالقرآن، والمصطفين بهذه الأمة، بل الكتاب اسم جنس للكتب (٢) التي أنزلها على رسُله، فإنَّه أورثها المصطفَين من عباده من كل أمة، وهم (٣) الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم. هم الذين أُورثوه أوَّلًا، ثمَّ أُورثَه المصطفون (٤) من أممهم بعدهم. قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (٥٤)} [غافر/ ٥٣ - ٥٤]، فأخبرَ أنَّه إنَّما يكون هدًى وذكرى لمن له لبٌّ عقَلَ به الكتابَ وعمل بما فيه، والعامل بما فيه هو الذي أورثه اللَّه علمَه.

وتأمَّل قوله تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ


(١) "ك، ط": "سيذهب".
(٢) "ب": "لكتبه".
(٣) "هم": ساقط من "ط".
(٤) "ط": "أورثوه المصطفين".