للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا الصبر، فإنَّه إن لم يصبر اختيارًا صبر اضطرارًا.

ولهذا كان بين ابتلاءِ يوسف الصدّيق -صلى اللَّه عليه وسلم- لما (١) فعل به إخوتُه من الأذى، والإلقاءِ في الجُبِّ، وبيعه بيع العبيد، والتفريق بينه وبين أبيه؛ وابتلائه بمراودة المرأة له (٢) وهو شابّ عزب غريب بمنزلة العبد لها، وهي الداعية له (٣) إلى ذلك = فرقٌ عظيم لا يعرفه إلا من عرف مراتبَ (٤) البلاءِ (٥). فإنَّ الشباب داعٍ إلى الشهوة، والشاب قد يستحيي بين (٦) أهله ومعارفه من قضاءِ وطره، فإذا صار في دار الغربة زال ذلك الاستحياء والاحتشام، وإذا كان عزَبًا كان أشدَّ لشهوته، وإذا كانت المرأة هي الطالبة كان أشدّ، وإذا كانت جميلةً كان أعظم، فإن كانت ذات منصب كان أقوى في الشهوة، فإن كان ذلك في دارها وتحت حكمها بحيث لا يخاف الفضيحة ولا الشهرة كان أبلغ، فإن استوثقت بتغليق الأبواب والاحتفاظ (٧) من الداخل كان أقوى أيضًا للطلب، فإن كان الرجل مملوكها وهي الحاكمة (٨) عليه الآمرة النَّاهية له (٩) كان أبلغ في الداعي،


(١) كذا في الأصل وغيره. وفي "ط": "بما".
(٢) "له" ساقط من "ك، ط".
(٣) "له" ساقط من "ك، ط".
(٤) "ب": "نوائب"، تحريف.
(٥) صرح المؤلف في مدارج السالكين (٢/ ١٨٧) بأنه سمع ذلك من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه، ثم ذكر الدواعي الآتية. وقد فصّلها في كتابه الداء والدواء (٣١٩ - ٣٢٢) في ١٣ وجهًا.
(٦) "ب، ك، ط": "من".
(٧) "ب": "يغلق الأبواب والاحتياط".
(٨) "ك، ط": "كمملوكها وهي كالحاكمة".
(٩) "له": ساقط من "ط".