للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكِتَابِ} [الرعد/ ٤٣]. أي: ومن عنده علمُ الكتاب يشهد لي، وشهادته (١) مقبولة لأنَّها شهادة بعلم. وقال تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (١٦٦)} [النساء/ ١٦٦]. وقال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام/ ١٩]. فأخبر سبحانه في هذه المواضع بشهادته لرسوله، وكفى بشهادته إثباتًا لصدقه وكفى به شهيدًا.

فإن قيل: وما شهادته سبحانه لرسوله؟

قيل: هي ما أقام على صدقه من الدلالات والآيات المستلزمة لصدقه بعد العلم بها ضرورة، فدلالتها على صدقه أعظمُ من دلالة كلّ بينة وشاهد على حقّ. فشهادته سبحانه لرسوله أصدَقُ شهادة وأعظمُها (٢) وأدَلُّها على ثبوت المشهود به. فهذا وجه. ووجه آخر أنَّه صدَّقه بقوله وأقام الأدلّة القاطعة على صدقه فيما يُخبِر به عنه. فإذا أخبر عنه أنَّه شهد له قولًا لزم ضرورةُ صدقه في ذلك الخبر، وصحَّت الشهادة له به قطعًا. فهذا معنى الآية، وكأنَّه (٣) أجنبيّ عمَّا استشهد (٤) به المصنّف.

ونظير هذا استشهادهم بقوله تعالى: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} [الأنعام/ ٩١] حتَّى رتَّب على ذلك بعضُهم أنَّ الذكر بالاسم المفرد وهو "اللَّه، اللَّه" أفضل من الذكر بالجملة المركّبة كقوله: سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر!


(١) "ف": "فشهادته"، والراجح ما أثبتنا من "ب" وغيرها.
(٢) "ف": "أعظم شهادة وأصدقها"، خلاف الأصل.
(٣) "ك": "كان". "ط": "كان أجنبيًّا"، خطأ.
(٤) "ب، ك، ط": "استدلّ".