للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاعدين بكونهم من غير أولي الضرر فائدة، فإنَّه لا يستوي المجاهدون والقاعدن من أولي الضرر أيضًا.

وأيضًا فإنَّ القاعدين المذكورين في الآية الذين وقع التفضيل عليهم هم غير أولي الضرر، لا القاعدون الذين هم أولو الضرر. فإنَّهم لم يذكر حكمهم في الآية، بل استثناهم، وبيَّن أنَّ التفضيل على غيرهم. فاللام في "القاعدين" للعهد، والمعهود هم غير أولي الضرر لا المضرورون.

وأيضًا فالقاعد من المجاهدين لضرورة تمنعه من الجهاد له مثل أجر المجاهد، كما ثبت (١) عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "إذا مرض العبدُ أو سافر كُتِبَ له من العمل ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا" (٢)، وقال: "إنَّ بالمدينة أقوامًا ما سِرْتُم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا وهم معكم" قالوا: وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حَبَسهم العذرُ" (٣).

وعلى هذا فالصواب أن يقال: الآية دلَّت على أنَّ القاعدين من غير أولي الضرر عن الجهاد (٤) لا يستوون هم والمجاهدون، وسكتت عن القاعدين من أولي الضرر، فلم تدل على (٥) حكمهم بطريق منطوقها. ولا يدلّ مفهومها على مساواتهم للمجاهدين، بل هذا النوع منقسم إلى


(١) زاد في "ب": "في الصحيح".
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد (٢٩٩٦) عن أبي موسي الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٣) أخرجه البخاري في الجهاد (٤٤٢٣)، ومسلم في الإمارة (١٩١١) عن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.
(٤) "عن الجهاد" مقدّم في "ط" على "من غير أولي الضرر".
(٥) "القاعدين من. . . " إلى هنا ساقط من "ك، ط".