للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي ليس مقدوره إلا بقوله دون فعله سواءٌ؛ لأنَّه أتي بالنية ومقدوره التامّ. وكذلك أجر الفاعل والناوي الذي اقترن قوله بنيته (١). وكذلك المقتول الذي سلَّ السيفَ، وإرادتُه (٢) قتلُ أخيه المسلم، فقُتِل، نُزِّل منزلةَ القاتل لنيّته التامَّة التي اقترن بها مقدورُها من السعي والحركة.

ومثل هذا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من دلَّ على خير فله مثلُ أجر فاعله" (٣) فإنَّه بدلالته ونيّته نزل منزلة الفاعل. ومثله من دعا إلى هدًى فله مثلُ أجور من اتَّبعه، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثلُ آثام من اتَّبعه (٤)؛ لأجل نيَّته واقتران مقدورها بها من الدعوة.

ومثله إذا جاء المصلِّي إلى المسجد ليصلِّي جماعةً، فأدركهم وقد صلَّوا، فصلَّى وحده، كُتِبَ له مثلُ أجر صلاة الجماعة بنيّته وسعيه، كما قد جاءَ مصرَّحًا به في حديث مروي (٥).

ومثل هذا مَن كان له وردٌ يصليه من الليل فنام، ومن نيَّته أن يقوم إليه فغلبه عنه (٦) نومٌ، كُتِبَ له أجرُ وردِه، وكان نومُه عليه صدقةً (٧).


(١) بعدها في "ك، ط": "وكذلك المقتول الذي اقترن قوله بنيته" خلط وتكرار.
(٢) هذه قراءة "ف، ب". وفي "ك، ط": "أراد به"، والأصل غير منقوط.
(٣) أخرجه مسلم في الإمارة (١٨٩٣) عن أبي مسعود الأنصاري رضي اللَّه عنه.
(٤) كما في حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه الذي سيأتي في ص (٨٩٩).
(٥) أخرجه أحمد (٨٩٤٧)، وأبو داود (٥٦٤)، والنسائي (٢/ ١١١)، والحاكم (١/ ٣٢٧) (٧٥٤) من حديث أبي هريرة، والحديث صححه الحاكم، ولم يتعقبه الذهبي. (ز).
(٦) "ك، ط": "فغلب عينه".
(٧) نص الحديث في صحيح مسلم (٧٤٧) عن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه.