للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله المريض والمسافر إذا كان له عمل يعمله، فشغل عنه بالمرض والسفر، كتب له مثلُ يمله وهو صحيح مقيم (١). ومثله: "من سأل اللَّه الشهادة بصدقٍ بلَّغه اللَّه منازلَ الشهداء، ولو مات على فراشه" (٢). ونظائر ذلك كثيرة.

والقسم الثاني معذور ليس من نيته الجهاد، ولا هو عازمٌ عليه عزمًا تامًّا. فهذا لا يستوي هو والمجاهد في سبيل اللَّه، بل قد فضّل اللَّه المجاهد (٣) عليه وإن كان معذورًا، لأنَّه (٤) لا نية له تُلحِقه بالفاعل التامّ، كنية أصحاب القسم الأوَّل. وقد قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث عثمان بن مظعون (٥): "إنَّ اللَّه قد أوقع أجرَه على قدر نيّته" (٦).

فلمَّا كان القسم المعذور فيه هذا التفصيل لم يجز أن يساوي بالمجاهد مطلقًا، ولا ينفي عنه المساواة مطلقًا. ودلالةُ المفهوم لا عمومَ لها، فإنَّ العموم إنَّما هو من أحكام الصيغ العامة وعوارض


(١) نص الحديث في صحيح البخاري (٢٩٩٦) عن أبي موسي الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٢) أخرجه مسلم في الإمارة (١٩٠٩) عن سهل بن حنيف رضي اللَّه عنه.
(٣) "ك، ط": "المجاهدين".
(٤) "لأنه" سقط من "ف".
(٥) كذا وقع في الأصل وغيره، وهو سهو، فإنها قصة عبد اللَّه بن ثابت الأنصاري رضي اللَّه عنه. انظر: المصادر المذكورة في الحاشية الآتية.
(٦) أخرجه مالك برواية الليثي (٩٣٥ - ٩٩٦)، وأبو داود (٣١١١)، والنسائي (٤/ ١٣ - ١٤) وأحمد (٢٣٧٥٣)، وابن حبان (٣١٨٩)، والحاكم (١/ ٥٠٣) (١٣٠٠)، من حديث جابر بن عتيك. والحديث صححه ابن حبان والحاكم ولم يتعقبه الذهبي. (ز).