للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه عند الغضب أحقّ منه بهذا الاسم.

ونظيره قوله: "ما تعدّون المفلسَ فيكم؟ " قالوا: من لا درهم له ولا متاع. قال: "المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال، ويأتي قد لطَمَ هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا؛ فيقتصّ هذا من حسناته، وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخِذَ من سيئاتهم ثمَّ طُرِحَ عليه فأُلقيَ في النار" (١).

ونظيره قوله: "ما تعدّون الرَّقوب فيكم؟ " قالوا: من لا يولد له. قال: "الرقوب من لم يقدّم من ولده شيئًا" (٢).

ومنه عندي قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الرِّبَا في النسيئة"، وفي لفظ: "إنَّما الرِّبَا في النسيئة" (٣). هو إثبات لأن هذا النوع هو أحقّ باسم الرِّبَا من ربا الفضل، وليس فيه نفي اسم الرِّبَا عن ربا الفضل. فتأمله.

والمقصود أنَّ هذه الطبقة أشقى الأشقياء، ولهذا يستهزأ بهم في الآخرة، ويُعطَون (٤) نورَا يتوسَّطون به على الصراط، ثمَّ يطفئ اللَّه نورهم، ويقال لهم: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد/ ١٣]. ويضرب بينهم وبين المؤمنين {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤)} [الحديد/ ١٣ - ١٤]. وهذا أشدّ


(١) أخرجه مسلم في البرّ والصلة (٢٥٨١) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) أخرجه مسلم في البرّ والصلة (٢٦٠٨) عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٣) من حديث أسامة بن زيد رضي اللَّه عنهما. واللفظان عند مسلم (١٥٩٦)، وفي صحيح البخاري (٢١٧٩): "لا ربا إلَّا في النسيئة".
(٤) "ك": "يعطى". "ط": "تعطى".