للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووصفهم بأنّهم رجس -والرجس من كلّ جنس: أخبثُه وأقذرُه، فهم أخبث بني آدم وأقذرهم وأرذلهم- وبأنهم فاسقون، وبأنَّهم مضرّة على أهل الإيمان يقصدون التفريق بينهم، ويؤوون من حاربهم وحارب اللَّه ورسوله، وأنّهم يتشبّهون بهم ويضاهونهم في أعمالهم ليتوصّلوا منها إلى الإضرار بهم وتفريق كلمتهم، وهذا شأن المنافقين أبدًا. وبأنّهم فتَنوا أنفسهم بكفرهم باللَّه ورسوله، وتربّصوا بالمسلمين دوائر السوءِ، وهذا (١) عادتهم في كل زمان. وارتابوا في الدين فلم يصدّقوا به، وغرّتهم الأماني الباطلة وغرّهم الشيطان، وأنهم أحسن الناس أجسامًا تُعجِب الرائيَ أجسامُهم، والسامعَ منطقُهم، فإذا جاوزتَ أجسامهم وقولَهم رأيتَ خُشبًا مسنّدة، لا إيمان ولا فقه، ولا علم ولا صدق، بل خشُب قد كُسِيتْ كسوةً تروق الناظر، وليس وراءَ ذلك شيء (٢). وإذا عرض عليهم التوبة والاستغفار أبَوها وزعموا أنَّهم لا حاجة لهم إليها، إمّا لأنّ ما عندهم من الزندقة والجهل المركّب مغنٍ عنها وعن الطاعات جملةً -كحال كثير من الزنادقة- وإمَّا احتقارًا وازدراء بمن يدعوهم إلى ذلك.

ووصفهم تعالى بالاستهزاءِ به وبآياته وبرسوله، وبأنهم مجرمون، وبأنّهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويقبضون أيديهم عن الإنفاق في مرضاته، وبنسيانهم (٣) ذكرَه، وبأنّهم يتولّون الكفار ويدَعون المؤمنين، وبأن الشيطان قد استحوذ عليهم وغلب عليهم حتى أنساهم


(١) "ط": "وهذه".
(٢) "ط": "ولبسوا وراء ذلك شيئًا".
(٣) "ك، ط": "ونسيان".