فِي إِبَاحَةِ الْوِلْدَانِ فِي الْجَنَّةِ، كَمَا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْهُمَا وَكَانَ حَاضِرَهُمَا فَمَالَ هَذَا إِلَى إِبَاحَةِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ مَأْمُونَ الْمَفْسَدَةِ هُنَالِكَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ، وَمِنْ أَيْنَ لَكَ أَنَّهُمْ يَكُونُ لَهُمْ أَدْبَارٌ؟ وَهَذَا الْعُضْوُ إِنَّمَا خُلِقَ فِي الدُّنْيَا مَخْرَجًا لِلْأَذَى، وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صُورَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَقَدْ رَوَى هَذَا الرَّجُلُ حَدِيثًا وَاحِدًا عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدِّمِ، مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» وَقَدْ رَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ عَنْ شُعْبَةَ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَاهُ، فَقِيلَ لِأَنَّهُ لَمَّا رَحَلَ إِلَيْهِ دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ عَلَى الْبَالُوعَةِ فَسَأَلَهُ أَنَّ يُحَدِّثَهُ، فَرَوَى لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ كَالْوَاعِظِ لَهُ، وَالْتَزَمَ أَلَّا يُحَدِّثَهُ بِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ شُعْبَةَ مَرَّ عَلَى الْقَعْنَبِيِّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ يُعَانِي الشَّرَابَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ فَامْتَنَعَ فَسَلَّ سِكِّينًا وَقَالَ إِنْ لَمْ تُحَدِّثْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُكَ فَرَوَى لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَتَابَ وَأَنَابَ وَلَزِمَ مَالِكًا ثُمَّ فَاتَهُ السَّمَاعُ مِنْ شُعْبَةَ فَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ غَيْرُ هَذَا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute