للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حَاشِيَتِهَا، وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّنْ قَالَ: هُوَ الْوَزِيرُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو نَصْرٍ أَنُوشُرْوَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاشَانِيُّ، وَهُوَ وَزِيرُ الْمُسْتَرْشِدِ أَيْضًا، وَيُقَالُ: إِنَّ الْحَرِيرِيَّ كَانَ قَدْ عَمِلَهَا أَرْبَعِينَ مَقَامَةً، فَلَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ، وَامْتَحَنَهُ بَعْضُ الْوُزَرَاءِ فَجَلَسَ نَاحِيَةً وَأَخَذَ دَوَاةً وَقِرْطَاسًا فَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ، حَتَّى عَادَ إِلَى بَلَدِهِ فَعَمِلَ عَشَرَةً أُخْرَى، فَأَتَمَّهَا خَمْسِينَ مَقَامَةً، وَقَدْ قَالَ فِيهِ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَفْلَحَ الشَّاعِرُ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَذِّبِينَ لَهُ فِيهَا:

شَيْخٌ لَنَا مِنْ رَبِيعَةِ الْفَرَسْ ... يَنْتِفُ عُثْنُونَهُ مِنَ الْهَوَسْ

أَنْطَقَهُ اللَّهُ بِالْمَشَانِ كَمَا ... رَمَاهُ وَسْطَ الدِّيوَانِ بِالْخَرَسْ

وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِالْمَشَانِ: هُوَ مَكَانٌ بِالْبَصْرَةِ، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ كَانَ صَدْرَ دِيوَانِ الْمَشَانِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ ذَمِيمَ الْخَلْقِ، فَاتَّفَقَ أَنَّ رَجُلًا رَحَلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ ازْدَرَاهُ فَفَهِمَ الْحَرِيرِيُّ ذَلِكَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

مَا أَنْتَ أَوَّلُ سَارٍ غَرَّهُ قَمَرٌ ... وَرَائِدٍ أَعْجَبَتْهُ خُضْرَةُ الدِّمَنِ

فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي إِنَّنِي رَجُلٌ ... مِثْلَ الْمُعَيْدِيِّ فَاسْمَعْ بِي وَلَا تَرَنِي

وَيُقَالُ: إِنَّ الْمُعَيْدِيَّ اسْمُ حِصَانٍ جَوَادٍ كَانَ فِي الْعَرَبِ دَمِيمِ الْخِلْقَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>