عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ يَا خَيْرَ مَنْ عَلَا ... عَلَى مِنْبَرٍ قَدْ حَفَّ أَعْلَامَهُ النَّصْرُ
وَأَفْضَلَ مَنْ أَمَّ الْأَنَامَ وَعَمَّهُمْ ... بِسِيرَتَهِ الْحُسْنَى وَكَانَ لَهُ الْأَمْرُ
لَقَدْ شَنَّفَتْ أَسْمَاعَنَا مِنْكَ خُطْبَةٌ ... وَمَوْعِظَةٌ فَصْلٌ يَلِينُ لَهَا الصَّخْرُ
مَلَأْتَ بِهَا كُلَّ الْقُلُوبِ مَهَابَةً ... فَقَدْ رَجَفَتْ مِنْ خَوْفِ تَخْوِيفِهَا
مِصْرُ
سَمَا لَفْظُهَا فَضْلًا عَلَى كُلِّ قَائِلٍ
وَجَلَّ عُلَاهَا أَنْ يُلِمَّ بِهَا حَصْرُ ... أَشَدْتَ بِهَا سَامِيَ الْمَنَابِرِ رِفْعَةً
تَقَاصَرَ عَنْ إِدْرَاكِهَا الْأَنْجُمُ الزُّهْرُ ... وَزِدْتَ بِهَا عَدْنَانَ مَجْدًا مُؤَثَّلًا
فَأَضْحَى لَهَا بَيْنَ الْأَنَامِ بِكَ الْفَخْرُ ... فَلِلَّهِ عَصْرٌ أَنْتَ فِيهِ إِمَامُهُ
وَلِلَّهِ دِينٌ أَنْتَ فِيهِ لَنَا الصَّدْرُ ... بَقِيتَ عَلَى الْأَيْامِ وَالْمُلْكِ كُلَّمَا
تَقَادَمَ عَصْرٌ أَنْتَ فِيهِ أَتَى عَصْرُ ... وَأَصْبَحْتَ بِالْعِيدِ السَّعِيدِ مُهَنَّأً
يُشَرِّفُنَا فِيهِ صَلَاتُكَ وَالنَّحْرُ
وَلَمَّا نَزَلَ الْخَلِيفَةُ عَنِ الْمِنْبَرِ ذَبَحَ الْبَدَنَةَ بِيَدِهِ، وَدَخَلَ السُّرَادِقَ، وَتَبَاكَى النَّاسُ وَدَعَوْا لِلْخَلِيفَةِ بِالتَّوْفِيقِ وَالنَّصْرِ، ثُمَّ دَخَلَ السُّلْطَانُ مَحْمُودٌ إِلَى بَغْدَادَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَنَزَلُوا فِي بُيُوتِ النَّاسِ، وَحَصَلَ لِلنَّاسِ أَذًى كَثِيرٌ فِي حَرِيمِهِمْ، فَرَاسَلَ الْخَلِيفَةَ فِي الصُّلْحِ، فَأَبَى ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ، وَرَكِبَ فِي جَيْشِهِ وَقَاتَلَ الْأَتْرَاكَ وَمَعَهُ شِرْذِمَةٌ قَلِيلَةٌ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ ; وَلَكِنَّ الْعَامَّةَ كُلَّهُمْ مَعَهُ، فَقَتَلَ مِنَ الْأَتْرَاكِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ جَاءَ عِمَادُ الدِّينِ زِنْكِي فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ مِنْ وَاسِطٍ فِي السُّفُنِ إِلَى السُّلْطَانِ، نَجْدَةً فَلَمَّا اسْتَشْعَرَ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ دَعَا إِلَى الصُّلْحِ، فَوَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute