النَّيْسَابُورِيُّ، وَهُوَ فَقِيهُ عَصْرِهِ وَنَسِيجُ وَحْدِهِ، فَسُرَّ بِهِ نُورُ الدِّينِ وَأَنْزَلَهُ بِحَلَبَ بِمَدْرَسَةِ بَابِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ أَطْلَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ فَدَرَّسَ بِزَاوِيَةِ الْجَامِعِ الْغَرْبِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِالشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيِّ، وَنَزَلَ بِمَدْرَسَةِ الْجَارُوخِيَّةِ، وَشَرَعَ نُورُ الدِّينِ فِي إِنْشَاءِ مَدْرَسَةٍ كَبِيرَةٍ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَأَدْرَكَهُ الْأَجَلُ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: هِيَ الْعَادِلِيَّةُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي عَمَّرَهَا بَعْدَهُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَيُّوبَ.
وَفِيهَا عَادَ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ أَبِي عَصْرُونَ مِنْ بَغْدَادَ حِينَ سَارَ بِالْهَنَاءِ بِالْخُطْبَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَعَهُ تَوْقِيعٌ مِنَ الْخَلِيفَةِ بِإِقْطَاعِ دَرْبِ هَارُونَ وَصَرِيفِينَ لِلْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ، وَقَدْ كَانَتَا قَدِيمًا لِأَبِيهِ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيٍّ، فَأَرَادَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ أَنْ يَبْنِيَ بِبَغْدَادَ مَدْرَسَةً عَلَى دِجْلَةَ، وَيَجْعَلَ هَذَيْنَ الْمَكَانَيْنِ وَقْفًا عَلَيْهَا فَعَاقَهُ الْقَدَرُ عَنْ ذَلِكَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِيهَا جَرَتْ بِنَاحِيَةِ خُوَارِزْمَ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ سُلْطَانْشَاهْ وَبَيْنَ أَعْدَائِهِ تَقَصَّاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ وَابْنُ السَّاعِي.
وَفِيهَا هَزَمَ مَلِكُ الْأَرْمَنِ مَلِيحُ بْنُ لِيُونَ عَسَاكِرَ الرُّومِ، وَغَنِمَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا، وَبَعَثَ إِلَى نُورِ الدِّينِ بِأَمْوَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَبِثَلَاثِينَ رَأْسًا مِنْ رُءُوسِهِمْ، فَأَرْسَلَهَا نُورُ الدِّينِ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ الْعَبَّاسِيِّ.
وَفِيهَا بَعَثَ صَلَاحُ الدِّينِ سَرِيَّةً صُحْبَةَ قَرَاقُوشَ مَمْلُوكِ تَقِيِّ الدِّينِ عُمَرَ بْنِ شَاهِنْشَاهْ إِلَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَمَلَكُوا طَائِفَةً كَثِيرَةً مِنْهَا مِنْ ذَلِكَ مَدِينَةُ طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ وَعِدَّةَ مُدُنٍ مَعَهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute