للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى حَلَبَ وَقَدْ وَجَدَ النَّجَاحَ فِي كُلِّ مَا طَلَبَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا مَسْرُورًا مَحْبُورًا.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ فَتْحُ بِلَادِ الْيَمَنِ لِلْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ يُوسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ بِهَا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ النَّبِيِّ بْنُ مَهْدِيٍّ. قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ وَتَسَمَّى بِالْإِمَامِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَيَمْلِكُ الْأَرْضَ كُلَّهَا، وَقَدْ كَانَ أَخُوهُ عَلِيُّ بْنُ مَهْدِيٍّ قَدْ تَغَلَّبَ قَبْلَهُ عَلَى الْيَمَنِ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ أَيْدِي أَهْلِ زَبِيدَ وَمَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ فَمَلَكَ بَعْدَهُ أَخُوهُ هَذَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَانَ سَيِّئَ السِّيرَةِ وَالسَّرِيرَةِ، فَعَزَمَ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ، لِكَثْرَةِ جَيْشِهِ وَقُوَّتِهِ عَلَى إِرْسَالِ سَرِيَّةٍ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَخُوهُ الْأَكْبَرُ شَمْسُ الدَّوْلَةِ شُجَاعًا مَهِيبًا بَطَلًا، وَكَانَ مِمَّنْ يُجَالِسُ عُمَارَةَ الْيَمَنِيَّ الشَّاعِرَ، فَكَانَ يَنْعَتُ لَهُ بِلَادَ الْيَمَنِ وَحُسْنَهَا وَكَثْرَةَ خَيْرِهَا، فَحَدَاهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ خَرَجَ فِي هَذِهِ السَّرِيَّةِ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَوَرَدَ مَكَّةَ - شَرَّفَهَا اللَّهُ - فَاعْتَمَرَ بِهَا ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى زَبِيدَ فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَبَدُ النَّبِيِّ فَقَاتَلَهُ فَهَزَمَهُ تُورَانْشَاهْ وَأَسَرَهُ وَأَسَرَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، وَكَانَتْ ذَاتَ أَمْوَالٍ جَزِيلَةٍ فَاسْتَقَرَّهَا عَلَى أَشْيَاءَ نَفِيسَةٍ، وَذَخَائِرَ جَلِيلَةٍ، وَنَهَبَ الْجَيْشُ زَبِيدَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى عَدَنَ فَقَاتَلَهُ يَاسِرٌ مَلِكُهَا فَهَزَمَهُ تُورَانْشَاهْ وَأَسَرَهُ، وَأَخَذَ الْبَلَدَ بِيَسِيرٍ مِنَ الْحِصَارِ، وَمَنَعَ الْجَيْشَ مِنْ نَهْبِهَا، وَقَالَ: مَا جِئْنَا لِنُخَرِّبَ الْبِلَادَ وَإِنَّمَا جِئْنَا لِعِمَارَتِهَا وَمُلْكِهَا. ثُمَّ سَارَ فِي النَّاسِ سِيرَةً حَسَنَةً عَادِلَةً فَأَحَبُّوهُ، ثُمَّ تَسَلَّمَ بَقِيَّةَ الْحُصُونِ وَالْمَعَاقِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>