وَبَقِيُتَ بَعْدَ الْعِزِّ رَهْنَ حُفَيْرَةٍ ... فِي عَالَمِ الْمَوْتَى وَأَنْتَ حَقِيرُ
وَحُشِرْتَ عُرْيَانًا حَزِينًا بَاكِيًا ... قَلِقًا وَمَا لَكَ فِي الْأَنَامِ مُجِيرُ
أَرَضِيتَ أَنْ تَحْيَا وَقَلْبُكَ دَارِسٌ ... عَافِي الْخَرَابِ وَجِسْمُكَ الْمَعْمُورُ
أَرَضِيتَ أَنْ يَحْظَى سِوَاكَ بِقُرْبِهِ ... أَبَدًا وَأَنْتَ مُبَعَّدٌ مَهْجُورُ
مَهِّدْ لِنَفْسِكَ حُجَّةً تَنْجُو بِهَا ... يَوْمَ الْمَعَادِ لَعَلَّكَ الْمَعْذُورُ
فَلَمَّا سَمِعَهَا الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ بَكَى وَأَمَرَ بِوَضْعِ الْمُكُوسَاتِ وَالضَّرَائِبِ فِي سَائِرِ بِلَادِهِ
وَكَتَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ عُمَرُ الْمَلَّاءُ مِنَ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ قَدْ أَمَرَ الْوُلَاةَ بِهَا أَنْ لَا يَفْصِلُوا بِهَا أَمْرًا حَتَّى يُعْلِمُوهُ، فَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ شَيْءٍ امْتَثَلُوهُ - وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الزَّاهِدِينَ، وَكَانَ نُورُ الدِّينِ يَسْتَقْرِضُ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ مَا يُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَكَانَ يُرْسِلُ إِلَيْهِ بِفَتِيتٍ وَرُقَاقٍ فَيُفْطِرُ عَلَيْهِ - كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ الْمُفْسِدِينَ قَدْ كَثُرُوا وَيُحْتَاجُ إِلَى نَوْعِ سِيَاسَةٍ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجِيءُ إِلَّا بِقَتْلٍ وَصَلْبٍ وَضَرْبٍ، وَإِذَا أُخِذَ مَالُ إِنْسَانٍ فِي الْبَرِيَّةِ، مَنْ يَجِيءُ فَيَشْهَدَ لَهُ؟ فَكَتَبَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ وَشَرَعَ لَهُمْ شَرِيعَةً وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ فِي الشَّرِيعَةِ زِيَادَةً فِي الْمَصْلَحَةِ لَشَرَعَهَا، فَمَا لَنَا حَاجَةٌ إِلَى الزِّيَادَةِ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ: فَجَمَعَ الشَّيْخُ عُمَرُ الْمَلَّاءُ جَمَعَ النَّاسَ بِالْمَوْصِلِ وَأَقْرَأَهُمُ الْكِتَابَ، وَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى كِتَابِ الزَّاهِدِ إِلَى الْمَلِكِ، وَكِتَابِ الْمَلِكِ إِلَى الزَّاهِدِ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute