للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَكَلَّمُوا بَعْدَمَا مُنِعُوا مُدَّةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَثُرَ احْتِجَاجُهُ، وَمِمَّا نَظَمَهُ الْعِمَادُ الْكَاتِبُ حِينَ جَاءَتِ الْبِشَارَةُ بِخِلَافَةِ الْمُسْتَضِيءِ وَهُمْ بِأَرْضِ الْمَوْصِلِ:

قَدْ أَضَاءَ الزَّمَانُ بِالْمُسْتَضِيِّ … وَارِثِ الْبَرْدِ وَابْنِ عَمِّ النَّبِيِّ

جَاءَ بِالْحَقِّ وَالَّشرِيعَةِ وَالْعَدْ … لِ فَيَا مَرْحَبًا بِهَذَا الْمَجِيِّ

فَهَنِيئًا لِأَهْلِ بَغْدَادَ فَازُوا … بَعْدَ بُؤْسٍ بِكُلِّ عَيْشٍ هَنِيِّ

وَمُضِيٌّ إِنْ كَانَ فِي الزَّمَنِ الْمُظْ … لِمِ فَالْعَوْدُ فِي الزَّمَانِ الْمُضِيِّ … وَفِيهَا سَارَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ مَحْمُودُ بْنُ زَنْكِيٍّ إِلَى الرَّقَّةِ فَأَخَذَهَا، وَكَذَا نَصِيبِينَ وَالْخَابُورِ وَسِنْجَارَ، وَسَلَّمَهَا إِلَى زَوْجِ ابْنَتِهِ ابْنِ أَخِيهِ عِمَادِ الدِّينِ زَنْكِيِّ بْنِ مَوْدُودٍ ثُمَّ سَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَأَقَرَّهَا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ سَيْفِ الدِّينِ غَازِيِّ بْنِ قُطْبِ الدِّينِ مَوْدُودٍ مَعَ الْجَزِيرَةِ، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ الْأُخْرَى وَأَمَرَ بِعِمَارَةِ جَامِعِهَا وَتَوْسِعَتِهِ، وَوَقَفَ عَلَى تَأْسِيسِهِ بِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لَهُ خَطِيبًا وَدَرْسًا لِلْفِقْهِ وَوَلَّى التَّدْرِيسَ لِلْفَيْقِهِ أَبِي بَكْرٍ النَّوْقَانِيِّ تِلْمِيذِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، تِلْمِيذِ الْغَزَالِيِّ، وَكَتَبَ لَهُ مَنْشُورًا بِذَلِكَ، وَوَقَفَ عَلَى الْجَامِعِ قَرْيَةً مِنْ قُرَى الْمَوْصِلِ; وَذَلِكَ كُلُّهُ بِإِشَارَةِ الشَّيْخِ صَالِحٍ الْعَابِدِ عُمْرَ الْمَلَّاءِ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُ زَاوِيَةٌ يُقْصَدُ فِيهَا وَلَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ دَعْوَةٌ فِي شَهْرِ الْمَوْلِدِ; يَحْضُرُ عِنْدَهُ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْوُزَرَاءُ، وَيَحْتَفِلُ بِذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ. صَاحِبَهُ، وَكَانَ يَسْتَشِيرُهُ فِي أُمُورِهِ، وَمِمَّنْ يَعْتَمِدُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>