للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي وَفَاةِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ عِزِّ الدِّينِ

فَرُّوخْشَاهْ بْنِ شَاهِنْشَاهْ بْنِ أَيُّوبَ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ وَنَائِبِ دِمَشْقَ لِعَمِّهِ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ، وَهُوَ وَالِدُ الْمَلِكِ الْأَمْجَدِ بَهْرَامْ شَاهْ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ أَيْضًا بَعْدَ أَبِيهِ، وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْمَدْرَسَةُ الْفَرُّوخْشَاهِيَّةُ بِالشَّرْقِ الشَّمَالِيِّ، وَإِلَى جَانِبِهَا التُّرْبَةُ الْأَمْجَدِيَّةُ لِوَلَدِهِ، وَهُمَا وَقْفٌ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ فَرُّوخْشَاهْ شَهْمًا شُجَاعًا بَطَلًا عَاقِلًا ذَكِيًّا فَاضِلًا كَرِيمًا مُمَدَّحًا، امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ لِجُودِهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَصْحَابِ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ أَبِي الْيُمْنِ الْكِنْدِيِّ، عَرَفَهُ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي الْفَاضِلِ لَهُ، وَلِلْعِمَادِ الْكَاتِبِ فِيهِ مَدَائِحُ بَدَائِعُ، وَلَهُ هُوَ، ، شِعْرٌ رَائِقٌ لَطِيفٌ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

أَنَا فِي أَسْرِ السِّقَامِ … مِنْ هَوَى هَذَا الْغُلَامِ

رَشَأٌ تَرْشُقُ عَيْنًا … هُ فُؤَادِي بِسِهَامِ

كُلَّمَا أَرْشَفَنِي فَا … هُ عَلَى حَرِّ الْأُوَامِ

ذُقْتُ مِنْهُ الشَّهْدَ فِي الثَّلْ … جِ الْمُصَفَّى فِي الْمُدَامِ

وَكَانَ ابْنُهُ الْمَلِكُ الْأَمْجَدُ شَاعِرًا جَيِّدًا أَيْضًا، وَقَدْ وَلَّاهُ عَمُّ أَبِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ بَعْلَبَكَّ بَعْدَ أَبِيهِ، وَاسْتَمَرَّ فِيهَا مُدَّةً طَوِيلَةً، وَمِنْ مَحَاسِنِ الْمَنْصُورِ عِزِّ الدِّينِ فَرُّوخْشَاهْ صُحْبَتُهُ لِتَاجِ الدَّيْنِ الْكِنْدِيِّ، وَلَهُ فِي الْكِنْدِيِّ مَدَائِحُ، وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ ذَلِكَ كُلَّهُ مُسْتَقْصًى فِي «الرَّوْضَتَيْنِ» ; وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>