ابْتَنَى بِزَوْجَةِ الْمَرْكِيسِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِلَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ حُبْلَى أَيْضًا وَذَلِكَ لِشِدَّةِ الْعَدَاوَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْإِنْكِلْتِيرِ وَبَيْنَهُ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ يُبْغِضُهُمَا وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ صَانَعَهُ الْمَرْكِيسُ بِبَعْضِ الشَّيْءِ فَلَمْ يَهُنْ قَتْلُهُ عَلَيْهِ.
وَفِي تَاسِعِ جُمَادَى الْأُولَى اسْتَوْلَى الْفِرِنْجُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ عَلَى قَلْعَةِ الدَّارُومِ فَخَرَّبُوهَا وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا وَأَسَرُوا طَائِفَةً مِنَ الذُّرِّيَّةِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ثُمَّ أَقْبَلُوا بِخَيْلِهِمْ وَرَجِلِهِمْ جُمْلَةً نَحْوَ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ فَبَرَزَ إِلَيْهِمُ السُّلْطَانُ فِي حِزْبِ الْإِيمَانِ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الرَّجَّالَةِ وَالْفُرْسَانِ وَالْأَبْطَالِ وَالشُّجْعَانِ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ نَكَصَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ عَلَى عَقِبَيْهِ وَانْقَلَبُوا رَاجِعِينَ قَبْلَ الْقِتَالِ وَالنِّزَالِ وَعَادَ السُّلْطَانُ إِلَى الْقُدْسِ وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا [الْأَحْزَابِ: ٢٥] ثُمَّ إِنَّ مَلِكَ الْإِنْكِلْتِيرِ - لَعَنَهُ اللَّهُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مُلُوكِ الْفِرِنْجِ ذَلِكَ الْوَقْتَ ظَفِرَ بِبَعْضِ قُفُولِ الْمُسْلِمِينَ فَكَبَسَهُمْ لَيْلًا فَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَأَسَرَ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ أَسِيرٍ وَغَنِمَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْجِمَالِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ فَكَانَ جُمْلَةُ الْجِمَالِ ثَلَاثَةَ آلَافِ بَعِيرٍ فَتَقَوَّى الْفِرِنْجُ بِذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا وَسَاءَ ذَلِكَ السُّلْطَانَ مَسَاءَةً عَظِيمَةً جِدًّا وَخَافَ مِنْ غَائِلَةِ ذَلِكَ وَاسْتَخْدَمَ الْإِنْكِلْتِيرُ الْجَمَّالَةَ عَلَى الْجِمَالِ وَالْخَرْبَنْدِيَّةَ عَلَى الْبِغَالِ وَالسَّاسَةَ عَلَى الْخَيْلِ، وَأَقْبَلَ وَقَدْ قَوِيَتْ نَفْسُهُ جِدًّا، وَصَمَّمَ عَلَى مُحَاصَرَةِ الْقُدْسِ وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ الْفِرِنْجِ الَّذِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute