عَلَيٍّ نَائِبًا عَلَى دِمَشْقَ وَذَلِكَ عِنْدَمَا ظَهَرَتْ مَخَايِلُ الضَّعْفِ الشَّدِيدِ وَغَيْبُوبَةُ الذِّهْنِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَكَانَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْقَاضِي الْفَاضِلُ وَابْنُ شَدَّادٍ وَقَاضِي الْبَلَدِ ابْنُ الزَّكِيِّ وَتَفَاقَمَ الْحَالُ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ وَاسْتَدْعَى الشَّيْخَ أَبَا جَعْفَرٍ إِمَامَ الْكَلَّاسَةِ لِيَبِيتَ عِنْدَهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيُلَقِّنُهُ الشَّهَادَةَ إِذَا جَدَّ بِهِ الْأَمْرُ فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عِنْدَهُ وَهُوَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ فَقَرَأَ: هُوَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَقَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ صَحِيحٌ فَلَمَّا أَذَّنَ الصُّبْحُ جَاءَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، فَلَمَّا قَرَأَ الْقَارِئُ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ تَبَسَّمَ وَتَهَلَّلَ وَجْهُهُ وَأَسْلَمَ رُوحَهُ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَمَاتَ ﵀ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ وَجَعَلَ جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ وَكَانَ لَهُ مِنَ الْعُمْرِ سَبْعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، لِأَنَّهُ وُلِدَ بِتَكْرِيتَ فِي شُهُورِ سَنَةِ اثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ ﵀ فَقَدْ كَانَ رِدْءًا لِلْإِسْلَامِ وَحِرْزًا وَكَهْفًا مِنْ كَيْدِ الْكَفَرَةِ اللِّئَامِ وَكَانَ أَهْلُ دِمَشْقَ لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِ مُصَابِهِ وَوَدَّ كُلٌّ مِنْهُمْ لَوْ فَدَاهُ بِأَوْلَادِهِ وَأَحْبَابِهِ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ غُلِّقَتِ الْأَسْوَاقُ وَاحْتُفِظَ عَلَى الْحَوَاصِلِ، ثُمَّ أَخَذُوا فِي تَجْهِيزِهِ وَغُسْلِهِ وَحَضَرَ جَمِيعُ أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ، وَيَعِزُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى غُسْلَهُ خَطِيبُ الْبَلَدِ الْفَقِيهُ الدَّوْلَعِيُّ، وَكَانَ الَّذِي أَحْضَرَ الْكَفَنَ وَمُؤْنَةَ التَّجْهِيزِ الْقَاضِي الْفَاضِلُ مِنْ صُلْبِ مَالِهِ الْحَلَالِ هَذَا وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ يَبْرُزُونَ وَيُنَادُونَ وَيَبْكُونَ وَالنَّاسُ فِي التَّعْوِيلِ وَالِانْتِحَابِ وَالِابْتِهَالِ ثُمَّ أُبْرِزَ فِي تَابُوتٍ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَأَمَّ النَّاسَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ابْنُ الزَّكِيِّ ثُمَّ دُفِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute