زَنْكِيِّ، صَاحِبُ الْمَوْصِلِ يَخْطُبُ ابْنَةَ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ، وَأَرْسَلَ وَكِيلَهُ لِقَبُولِ الْعَقْدِ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ. فَاتَّفَقَ مَوْتُ نُورِ الدِّينِ وَوَكِيلِهِ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَعُقِدَ الْعَقْدُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي كَامِلِهِ كَثِيرًا وَشَكَرَ مِنْهُ وَمِنْ عَدْلِهِ وَشَهَامَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ مُدَّةَ مُلْكِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا. وَأَمَّا أَبُو الْمُظَفَّرِ السِّبْطُ فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَ جَبَّارًا ظَالِمًا بَخِيلًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَامَ فِي الْمُلْكِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْقَاهِرُ عِزُّ الدِّينِ مَسْعُودٌ، وَجَعَلَ تَدْبِيرَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى غُلَامِهِ بَدْرِ الدِّينِ لُؤْلُؤٍ الَّذِي صَارَ الْمُلْكُ إِلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِي سَابِعِ شَوَّالٍ شُرِعَ فِي عِمَارَةِ الْمُصَلَّى; بُنِيَ لَهُ أَرْبَعُ جُدُرٍ مُشْرِفَةٍ، وَجُعِلَ لَهُ أَبْوَابٌ صَوْنًا لِمَكَانِهِ مِنَ الْمَيْتَاتِ وَنُزُولِ الْقَوَافِلِ، وَجُعِلَ فِي قِبْلَتِهِ مِحْرَابٌ مِنْ حِجَارَةٍ وَمِنْبَرٌ مِنْ حِجَارَةٍ، وَعُقِدَتْ فَوْقَ ذَلِكَ قُبَّةٌ، ثُمَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ عُمِلَ فِي قِبْلَتِهِ رِوَاقَانِ، وَعُمِلَ لَهُ مِنْبَرٌ مِنْ خَشَبٍ، وَرُتِّبَ لَهُ خَطِيبٌ رَاتِبٌ وَإِمَامٌ رَاتِبٌ، وَمَاتَ الْعَادِلُ وَلَمْ يَتِمَّ الرِّوَاقُ الثَّانِي مِنْهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى يَدِ الْوَزِيرِ صَفِيِّ الدِّينِ بْنِ شُكْرٍ. قَالَ: وَفِي حَادِي عَشَرَ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ جُدِّدَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْبَرِيدِ بِالنُّحَاسِ الْأَصْفَرِ، وَرُكِّبَتْ فِي أَمَاكِنِهَا.
وَفِي شَوَّالٍ أَيْضًا شُرِعَ فِي إِصْلَاحِ الْفَوَّارَةِ وَالشَّاذِرْوَانِ وَالْبِرْكَةِ وَعُمِلَ عِنْدِهَا مَسْجِدٌ، وَجُعِلَ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ، وَأَوَّلُ مَنْ تَوَلَّاهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: النَّفِيسُ الْمِصْرِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute