للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ حَكَى أَبُو الْمُظَفَّرِ أَنَّهُ حَضَرَ يَوْمًا عِنْدَهُ الْجُمُعَةَ، وَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيُونِينِيُّ حَاضِرًا هُنَاكَ، فَلَمَّا انْتَهَى الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ إِلَى الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ عَبْدَكَ الْمَلِكَ الْعَادِلَ سَيْفَ الدِّينِ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَيُّوبَ. فَنَهَضَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ، فَلَمَّا فَرَغْنَا ذَهَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَاذَا نَقَمْتَ؟ فَقَالَ: يَقُولُ لِهَذَا الظَّالِمِ: الْعَادِلَ؟ فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْحَدِيثِ إِذْ أَقْبَلَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ وَمَعَهُ رَغِيفٌ وَخِيَارَتَانِ، فَكَسَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: الصَّلَاةُ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ كِسْرَى» . فَتَبَسَّمَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ، وَمَدَّ يَدَهُ فَأَكَلَ، فَلَمَّا قَامَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ قَالَ لِي: يَا سَيِّدَنَا، مَاذَا إِلَّا رَجُلٌ صَالِحٌ.

قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ مِنَ الصَّالِحِينَ الْكِبَارِ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ أَبِي عُمَرَ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَلَمْ يُسَامِحِ الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ فِي تَسَاهُلِهِ مَعَ وَرَعِهِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ مُسَافِرًا لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ، وَعُذْرُ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ هَذَا قَدْ جَرَى مَجْرَى الْأَعْلَامِ; الْعَادِلِ، الْكَامِلِ، الْأَشْرَفِ، وَنَحْوِهِ، كَمَا يُقَالُ: سَالِمٌ، وَغَانِمٌ، وَمَسْعُودٌ، وَمَحْمُودٌ. وَقَدْ يَكُونُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ عَلَى الضِّدِّ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>