للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَمَمَالِيكَ مُتَعَدِّدَةً مِنَ التُّرْكِ، وَقَدْ كَانَ رَقِيقَ الْحَاشِيَةِ، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، يُعَامِلُ الطَّلَبَةَ مُعَامَلَةً حَسَنَةً، فَلَمَّا كَبُرَ تَرَكَ الْقِيَامَ لَهُمْ، وَأَنْشَأَ اعْتِذَارًا:

تَرَكْتُ قِيَامِي لِلصَّدِيقِ يَزُورُنِي ... وَلَا ذَنْبَ لِي إِلَّا الْإِطَالَةُ فِي عُمْرِي

فَإِنْ بَلَغُوا مِنْ عَشْرِ تِسْعِينَ نِصْفَهَا ... تَبَيَّنَ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ لَهُمْ عُذْرِي

وَقَدْ أَسْلَفْنَا شَيْئًا مِنْ قِيلِهِ فِي قَتْلِ عُمَارَةَ الْيَمَنِيِّ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَالْفَصَاحَةِ وَالْجِنَاسِ، وَقَدْ أَوْرَدَ ابْنُ السَّاعِي فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ تَارِيخِهِ أَشْعَارًا حَسَنَةً، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ يَمْدَحُ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ شَاهِنْشَاهْ:

وِصَالُ الْغَوَانِي كَانَ أَرْوَى وَأَرْوَجَا ... وَعَصْرُ التَّدَانِي كَانَ أَبْهَى وَأَبْهَجَا

لَيَالِيَ كَانَ الْعُمْرُ أَحْسَنَ شَافِعٍ ... تَوَلَّى وَكَانَ اللَّهْوُ أَوْضَحَ مَنْهَجَا

بَدَا الشَّيْبُ فَانْجَابَتْ طَمَاعِيَةُ الصِّبَا ... وَقُبِّحَ لِي مَا كَانَ يَسْتَحْسِنُ الْحِجَا

بُلَهْنِيَةٌ وَلَّتْ كَأَنْ لَمْ أَكُنْ بِهَا ... بِهَا أَجْتَلِي وَجْهَ النَّعِيمِ مُسَرَّجَا

وَلَا اخْتَلْتُ فِي بُرْدِ الشَّبَابِ مُجَرِّرًا ... ذُيُولِيَ إِعْجَابًا بِهِ وَتَبَرُّجَا

أُغَازِلُ غَيْدَاءَ الْمَعَاطِفِ طَفْلَةً ... وَأَغْيَدَ مَعْسُولَ الْمَرَاشِفِ أَدْعَجَا

<<  <  ج: ص:  >  >>