للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف: ٩] أَيْ: لَيْسُوا بِعَجَبٍ عَظِيمٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَطْلَعْنَاكَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَخْبَارِ الْعَظِيمَةِ، وَالْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالْعَجَائِبِ الْغَرِيبَةِ. وَالْكَهْفُ هُوَ الْغَارُ فِي الْجَبَلِ. قَالَ شُعَيْبٌ الْجَبَائِيُّ: وَاسْمُ كَهْفِهِمْ حَيْزَمُ. وَأَمَّا الرَّقِيمُ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الْمُرَادُ بِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الْكِتَابُ الْمَرْقُومُ فِيهِ أَسْمَاؤُهُمْ وَمَا جَرَى لَهُمْ، كُتِبَ مِنْ بَعْدِهِمُ. اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ الْجَبَلِ الَّذِي فِيهِ كَهْفُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَشُعَيْبٌ الْجَبَائِيُّ: وَاسْمُهُ بَنَاجْلُوسُ. وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ وَادٍ عِنْدَ كَهْفِهِمْ. وَقِيلَ: اسْمُ قَرْيَةٍ هُنَالِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ شُعَيْبٌ الْجِبَائِيُّ: وَاسْمُ كَلْبِهِمْ حُمْرَانُ. وَاعْتِنَاءُ الْيَهُودِ بِأَمْرِهِمْ وَمَعْرِفَةِ خَبَرِهِمْ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَمَانَهُمْ مُتَقَدِّمٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا بَعْدَ الْمَسِيحِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا نَصَارَى. وَالظَّاهِرُ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ قَوْمَهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ. قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُؤَرِّخِينَ وَغَيْرِهِمْ: كَانُوا فِي زَمَنِ مَلِكٍ يُقَالُ لَهُ: دِقْيَانُوسُ. وَكَانُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْأَكَابِرِ. وَقِيلَ: مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ. وَاتَّفَقَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي يَوْمِ عِيدٍ لِقَوْمِهِمْ فَرَأَوْا مَا يَتَعَاطَاهُ قَوْمُهُمْ، مِنَ السُّجُودِ لِلْأَصْنَامِ وَالتَّعْظِيمِ لِلْأَوْثَانِ، فَنَظَرُوا بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ، وَكَشَفَ اللَّهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ حِجَابَ الْغَفْلَةِ، وَأَلْهَمَهُمْ رُشْدَهُمْ، فَعَلِمُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ، فَخَرَجُوا عَنْ دِينِهِمْ، وَانْتَمَوْا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَيُقَالُ: إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَمَّا أَوْقَعَ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ مَا هَدَاهُ إِلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ، انْحَازَ عَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>