للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرِكُمْ إِلَى خَيْرٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَمِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ» ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى صِفَةَ الْغَارِ الَّذِي آوَوْا إِلَيْهِ، وَأَنَّ بَابَهُ مُوَجَّهٌ إِلَى نَحْوِ الشَّمَالِ، وَأَعْمَاقَهُ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَذَلِكَ أَنْفَعُ الْأَمَاكِنِ ; أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ قِبْلِيًّا، وَبَابُهُ نَحْوَ الشَّمَالِ، فَقَالَ: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ} [الكهف: ١٧] وَقُرِئَ: (تَزْوَرُّ) {عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: ١٧] فَأَخْبَرَ أَنَّ الشَّمْسَ، يَعْنِي فِي زَمَنِ الصَّيْفِ وَأَشْبَاهِهِ، تُشْرِقُ أَوَّلَ طُلُوعِهَا فِي الْغَارِ فِي جَانِبِهِ الْغَرْبِيِّ، ثُمَّ تَشْرَعُ فِي الْخُرُوجِ مِنْهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَهُوَ ازْوِرَارُهَا ذَاتَ الْيَمِينِ فَتَرْتَفِعُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَتَتَقَلَّصُ عَنْ بَابِ الْغَارِ، ثُمَّ إِذَا تَضَيَّفَتْ لِلْغُرُوبِ تَشْرَعُ فِي الدُّخُولِ فِيهِ مِنْ جِهَتِهِ الشَّرْقِيَّةِ قَلِيلًا قَلِيلًا إِلَى حِينِ الْغُرُوبِ، كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَكَانِ، وَالْحِكْمَةُ فِي دُخُولِ الشَّمْسِ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَنْ لَا يَفْسُدَ هَوَاؤُهُ {وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} [الكهف: ١٧] أَيْ: بَقَاؤُهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ دَهْرًا طَوِيلًا مِنَ السِّنِينَ، لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ، وَلَا تَتَغَذَّى أَجْسَادُهُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَبُرْهَانِ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا - وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: ١٧ - ١٨] قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ أَعْيُنَهُمْ مَفْتُوحَةٌ ; لِئَلَّا تَفْسُدَ بِطُولِ الْغَمْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>