أَمَرَ بِذَلِكَ الْمُعَظَّمُ خَوْفًا مِنَ اسْتِيلَاءِ الْفِرِنْجِ عَلَيْهِ، بَعْدَ مَشُورَةِ مَنْ أَشَارَ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْفِرِنْجَ إِذَا تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ جَعَلُوهُ وَسِيلَةً إِلَى أَخْذِ الشَّامِ جَمِيعِهِ، فَشَرَعَ فِي تَخْرِيبِ السُّورِ فِي أَوَّلِ يَوْمِ الْمُحَرَّمِ، فَهَرَبَ مِنْهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنَ الْفِرِنْجِ أَنْ يَهْجُمُوا عَلَيْهِمْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَتَرَكُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَثَاثَهُمْ، وَتَمَزَّقُوا فِي الْبِلَادِ كُلَّ مُمَزَّقٍ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّهُ أُبِيعَ الْقِنْطَارُ مِنَ الزَّيْتِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَرَطْلِ النُّحَاسِ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ، وَضَجَّ النَّاسُ وَابْتَهَلُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَفِي الْأَقْصَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَهْجُو الْمُعَظَّمَ فِي ذَلِكَ:
فِي رَجَبٍ حُلِّلَ الْمُحَرَّمْ ... وَأُخْرِبَ الْقُدْسُ فِي الْمُحَرَّمْ
وَفِيهَا اسْتَحْوَذَتِ الْفِرِنْجُ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ، عَلَى مَدِينَةِ دِمْيَاطَ، وَدَخَلُوهَا بِالْأَمَانِ، فَغَدَرُوا بِأَهْلِهَا، وَقَتَلُوا رِجَالَهَا، وَسَبَوْا نِسَاءَهَا وَأَطْفَالَهَا، وَفَجَرُوا بِالنِّسَاءِ، وَبَعَثُوا بِمِنْبَرِ الْجَامِعِ وَالرَّبَعَاتِ وَرُءُوسِ الْقَتْلَى إِلَى الْجَزَائِرِ، وَجَعَلُوا الْجَامِعَ كَنِيسَةً {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: ١١٢] " الْأَنْعَامِ: ١١٢ ".
وَفِيهَا تَغَيَّظَ السُّلْطَانُ الْمُعَظَّمُ عَلَى الْقَاضِي زَكِيِّ الدِّينِ بْنِ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ الزَّكِيِّ قَاضِي الْبَلَدِ. وَسَبَبُهُ أَنَّ عَمَّتَهُ سِتَّ الشَّامِ بِنْتَ أَيُّوبَ كَانَتْ قَدْ مَرِضَتْ فِي دَارِهَا الَّتِي جَعَلَتْهَا بَعْدَهَا مَدْرَسَةً، فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْقَاضِي لِتُوصِيَ إِلَيْهِ، فَذَهَبَ إِلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute