للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ سِتُّ الشَّامِ مِنْ أَكْثَرِ النِّسَاءِ صَدَقَةً وَإِحْسَانًا إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ، وَكَانَتْ تَعْمَلُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي دَارِهَا بِأُلُوفٍ مِنَ الذَّهَبِ أَشْرِبَةً وَأَدْوِيَةً وَعَقَاقِيرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَتُفَرِّقُهُ عَلَى النَّاسِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُا يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ النَّهَارِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي دَارِهَا الَّتِي جَعَلَتْهَا مَدْرَسَةً، وَهِيَ عِنْدَ الْمَارَسْتَانِ، وَهِيَ الشَّامِيَّةُ الْجَوَّانِيَّةُ، وَنُقِلَتْ مِنْهَا إِلَى تُرْبَتِهَا بِالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهَا عَظِيمَةً حَافِلَةً، رَحِمَهَا اللَّهُ.

أَبُو الْبَقَاءِ صَاحِبُ " الْإِعْرَابِ " وَ " اللُّبَابِ "

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، الشَّيْخُ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ الضَّرِيرُ النَّحْوِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ إِعْرَابِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَكِتَابِ " اللُّبَابِ " فِي النَّحْوِ، وَلَهُ حَوَاشٍ عَلَى " الْمَقَامَاتِ "، وَ " مُفَصَّلِ الزَّمَخْشَرِيِّ "، " وَدِيوَانِ الْمُتَنَبِّي "، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ فِي الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ صَالِحًا دَيِّنًا، مَاتَ وَقَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ وَالْحِسَابِ وَالنَّحْوِ، فَقِيهًا مُنَاظِرًا عَارِفًا بِالْأَصْلَيْنِ وَالْفِقْهِ، وَحَكَى الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ عَنْهُ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي شَرْحِ " الْمَقَامَاتِ " أَنَّ عَنْقَاءَ مُغْرِبًا كَانَتْ تَأْتِي إِلَى جَبَلٍ شَاهِقٍ عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّسِّ، فَرُبَّمَا اخْتَطَفَتْ بَعْضَ أَوْلَادِهِمْ، فَشَكَوْهَا إِلَى نَبِيِّهِمْ حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَهَلَكَتْ. قَالَ: وَكَانَ وَجْهُهَا كَوَجْهِ الْإِنْسَانِ، وَفِيهَا شَبَهٌ مِنْ كُلِّ طَائِرٍ. وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كِتَابِ " رَبِيعِ الْأَبْرَارِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>