اللَّوْزِ، فَفَرَكَهُ وَاسْتَفَّهُ، وَيَشْرَبُ فَوْقَهُ الْمَاءَ الْبَارِدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
وَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يَحُجُّ فِي بَعْضِ السِّنِينَ فِي الْهَوَاءِ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا لِطَائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الزُّهَّادِ وَصَالِحِي الْعِبَادَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَوَّلُ مَنْ يُذْكَرُ عَنْهُ هَذَا حَبِيبٌ الْعَجَمِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَجْمَعِينَ -.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ صَلَّى الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْيُونِينِيُّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِجَامِعِ بَعْلَبَكَّ، وَكَانَ قَدْ دَخَلَ الْحَمَّامَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ سَوِيٌّ صَحِيحٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ لِلشَّيْخِ دَاوُدَ الْمُؤَذِّنِ وَكَانَ يُغَسِّلُ الْمَوْتَى: انْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ غَدًا. ثُمَّ صَعِدَ الشَّيْخُ إِلَى زَاوِيَتِهِ، فَبَاتَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَيَتَذَكَّرُ أَصْحَابَهُ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ وَلَوْ بِأَدْنَى شَيْءٍ، وَيَدْعُو لَهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ وَقْتُ الصُّبْحِ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ اسْتَنَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ وَفِي يَدِهِ سُبْحَةٌ، فَمَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ جَالَسٌ لَمْ يَسْقُطْ، وَلَمْ تَسْقُطِ السُّبْحَةُ مِنْ يَدِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى الْمَلِكِ الْأَمْجَدِ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ، جَاءَ إِلَيْهِ، فَعَايَنَهُ كَذَلِكَ، فَقَالَ: لَوْ بَنَيْنَا عَلَيْهِ بُنْيَانًا هَكَذَا; لِيُشَاهِدَ النَّاسُ مِنْهُ آيَةً. فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا مِنَ السُّنَّةِ. فَنُحِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ تَحْتَ اللَّوْزَةِ الَّتِي كَانَ يَجْلِسُ تَحْتَهَا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَقَدْ جَاوَزَ ثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَكَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْفَقِيهُ الْيُونِينِيُّ مِنْ جُمْلَةِ تَلَامِيذِهِ، وَمِمَّنْ يَلُوذُ بِهِ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute