فِي شَأْنِ الزُّهْرَةِ، ثُمَّ قِيلَ: كَانَ أَمْرُهُمَا، وَقِصَّتُهُمَا فِي زَمَانِ إِدْرِيسَ. وَقِيلَ: فِي زَمَانِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ. كَمَا حَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ خَبَرٌ إِسْرَائِيلِيٌّ مَرْجِعُهُ إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ بِالْقِصَّةِ. وَهَذَا أَصَحُّ إِسْنَادًا، وَأَثْبَتُ رِجَالًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
، ثُمَّ قَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ [الْبَقَرَةِ: ١٠٢]. قَبِيلَانِ مِنَ الْجَانِّ. قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَهَذَا غَرِيبٌ وَبَعِيدٌ مِنَ اللَّفْظِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَرَأَ: «وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلِكَيْنِ». بِالْكَسْرِ، وَيَجْعَلُهُمَا عِلْجَيْنِ مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ قَالَهُ الضَّحَّاكُ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: هُمَا مَلَكَانِ مِنَ السَّمَاءِ. وَلَكِنْ سَبَقَ فِي قَدَرِ اللَّهِ لَهُمَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْرِهِمَا إِنْ صَحَّ بِهِ الْخَبَرُ، وَيَكُونُ حُكْمُهُمَا كَحُكْمِ إِبْلِيسَ إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مِنَ الْجِنِّ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ.
وَمِنِ الْمَلَائِكَةِ الْمُسَمَّيْنَ فِي الْحَدِيثِ: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ﵉، وَقَدِ اسْتَفَاضَ فِي الْأَحَادِيثِ ذِكْرُهُمَا فِي سُؤَالِ الْقَبْرِ. وَقَدْ أَوْرَدْنَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إِبْرَاهِيمَ: ٢٧]. وَهُمَا فَتَّانَا الْقَبْرِ، مُوَكَّلَانِ بِسُؤَالِ الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ، عَنْ رَبِّهِ، وَدِينِهِ، وَنَبِيِّهِ، وَيَمْتَحِنَانِ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، وَهُمَا أَزْرَقَانِ أَفْرَقَانِ لَهُمَا أَنْيَابٌ وَأَشْكَالٌ مُزْعِجَةٌ وَأَصْوَاتٌ مُفْزِعَةٌ. أَجَارَنَا اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَثَبَّتَنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ آمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute