للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِمَادُ اسْتَقَلَّ هُوَ بِالْوَظِيفَةِ، فَإِنْ غَابَ صَلَّى عَنْهُ أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ. وَكَانَ يَتَنَفَّلُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بِالْقُرْبِ مِنْ مِحْرَابِهِ، فَإِذَا صَلَّى الْعَشَاءَ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِدَرْبِ الدَّوْلَعِيِّ بِالرَّصِيفِ، وَأَخَذَ مَعَهُ مِنَ الْفُقَرَاءِ مَنْ تَيَسَّرَ; يَأْكُلُونَ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَكَانَ مَنْزِلُهُ الْأَصْلِيُّ بِقَاسِيُونَ، فَيَنْصَرِفُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي بَعْدَ الْعَشَاءِ إِلَى الْجَبَلِ، فَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَنْ خَطِفَ رَجُلٌ عِمَامَتَهُ، وَكَانَ فِيهَا كَاغِدٌ فِيهِ رَمْلٌ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ: خُذِ الْكَاغِدَ، وَأَلْقِ الْعِمَامَةَ. فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّ الْكَاغِدَ مَالًا، فَأَخَذَهُ وَأَلْقَى الْعِمَامَةَ، فَأَخَذَهَا الْمُوَفَّقُ ثُمَّ ذَهَبَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ذَكَاءٍ مُفْرِطٍ وَاسْتِحْضَارٍ حَسَنٍ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ، حَتَّى خَلَّصَ عِمَامَتَهُ مِنْ يَدِهِ بِتَلَطُّفٍ.

وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ عَدِيدَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا " الْمُغْنِي " فِي شَرَحِ " مُخْتَصَرِ الْخِرَقِيِّ " فِي عَشْرَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ " الْكَافِي " فِي أَرْبَعَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ " الْمُقْنِعُ " لِلْحِفْظِ، وَ " الرَّوْضَةُ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيفِ الْمُفِيدَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْفِطْرِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ بَلَغَ الثَّمَانِينَ، وَكَانَ يَوْمَ سَبْتٍ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ الْمَشْهُورَةِ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>