للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاجْتَزْتُ بِهِ فَدَفَعَ إِلَيَّ نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: يَكْفِي هَذَا لِلْخُبْزِ وَالْعَنْبَرِيسِ.

قَالَ: وَدَخَلَ يَوْمًا عَلَى الْخَطِيبِ جَمَالِ الدِّينِ الدَّوْلَعِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخُ عَلِيُّ! أَكَلْتُ الْيَوْمَ كُسَيْرَاتٍ يَابِسَةً، وَشَرِبْتُ عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَكَفَتْنِي.

فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْكُرْدِيُّ: وَمَا تَطْلُبُ نَفْسُكَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرِ هَذَا؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: يَا مِسْكِينُ، مَنْ يَقْنَعْ بِكَسْرَةٍ يَابِسَةٍ يَحْبِسْ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْمَقْصُورَةِ، وَلَا يَقْضِي مَا فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَجِّ.

الْفَخْرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ، الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ، عَالِمُهَا وَمُفْتِيهَا وَخَطِيبُهَا وَوَاعِظُهَا، اشْتَغَلَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ فِيهِ وَبَرَزَ وَحَصَّلَ، وَجَمَعَ تَفْسِيرًا حَافِلًا فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَهُ الْخُطَبُ الْمَشْهُورَةُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَيْهِ، وَهُوَ عَمُّ الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ صَاحِبِ " الْمُنْتَقَى " فِي الْأَحْكَامِ. قَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ سِبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ: سَمِعْتُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ يُنْشِدُ:

أَحْبَابَنَا قَدْ نَذَرَتْ مُقْلَتِي ... مَا تَلْتَقِي بِالنَّوْمِ أَوْ نَلْتَقِي

رِفْقًا بِقَلْبٍ مُغْرَمٍ وَاعْطِفُوا ... عَلَى سِقَامِ الْجَسَدِ الْمُحْرَقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>