إِيوَانِهَا مِنَ الشَّرْقِ، وَرَغِبَ فِيمَا بَعْدُ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ إِذَا مَاتَ، فَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ دُفِنَ بِمَقَابِرِ الصُّوفِيَّةِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ شَهِدَ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ عَرَبِيٍّ الطَّائِيُّ الصُّوفِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّينِ خَزْعَلٌ النَّحْوِيُّ الْمِصْرِيُّ الْمَقْدِسِيُّ - إِمَامُ مَشْهَدِ عَلِيٍّ - شَهِدَا عَلَى ابْنِ رَوَاحَةَ بِأَنَّهُ عَزَلَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ عَنْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ، فَجَرَتْ خُطُوبٌ طَوِيلَةٌ، وَلَمْ يَنْتَظِمْ مَا رَامُوهُ، وَمَاتَ خَزْعَلٌ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا، فَبَطَلَ مَا سَلَكُوهُ.
أَبُو مُحَمَّدٍ مَحْمُودُ بْنُ مَوْدُودِ بْنِ مَحْمُودِ، بْنِ بَلْدِجِيٍّ الْحَنَفِيُّ الْمَوْصِلِيُّ، وَلَهُ بِهَا مَدْرَسَةٌ تُعْرَفُ بِهِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التُّرْكِ، وَصَارَ مِنْ مَشَايِخِ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَهُ دِينٌ مَتِينٌ، وَشِعْرٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ:
مَنِ ادَّعَى أَنَّ لَهُ حَالَةً ... تُخْرِجُهُ عَنْ مَنْهَجِ الشَّرْعِ
فَلَا تَكُونَنَّ لَهُ صَاحِبًا ... فَإِنَّهُ خُرْءٌ بِلَا نَفْعِ
كَانَتْ وَفَاتُهُ بِالْمَوْصِلِ فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِينَ سَنَةً رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
يَاقُوتٌ وَيُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نَجِيبُ الدِّينِ مَوْلَى الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الْكِنْدِيِّ، وَقَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ الْكُتُبَ الَّتِي بِالْخِزَانَةِ بِالزَّاوِيَةِ الشَّرْقِيَّةِ الشَّمَالِيَّةِ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَكَانَتْ سَبْعَمِائَةٍ وَأَحَدًا وَسِتِّينَ مُجَلَّدًا، ثُمَّ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ، فَتَمَحَّقَتْ هَذِهِ الْكُتُبُ، وَبِيعَ أَكْثَرُهَا، وَقَدْ كَانَ يَاقُوتٌ هَذَا لَدَيْهِ فَضِيلَةٌ وَأَدَبٌ وَشِعْرٌ جَيِّدٌ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِبَغْدَادَ فِي مُسْتَهَلِّ رَجَبٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ بِالْقُرْبِ مِنْ مَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute