للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ، يَقُولُونَ: مَنْ عَظَّمَ الْقَانَ إِنَّمَا يُرِيدُ هَذَا الْمَلِكَ. وَهُوَ الَّذِي وَضَعَ لَهُمُ الْيَاسَاقَ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا، وَيَحْكُمُونَ بِهَا، وَأَكْثَرُهَا مُخَالِفٌ لِشَرَائِعِ اللَّهِ تَعَالَى وَكُتُبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ اقْتَرَحَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَتَبِعُوهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَزْعُمُ أَنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ، فَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ.

وَقَدْ رَأَيْتُ مُجَلَّدًا جَمَعَهُ الْوَزِيرُ بِبَغْدَادَ عَلَاءُ الدِّينِ الْجُوَيْنِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ، فَذَكَرَ فِيهِ سِيرَتَهُ، وَمَا كَانَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقْلِ السِّيَاسِيِّ وَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالتَّدْبِيرِ الْجَيِّدِ لِلْمُلْكِ وَالرَّعَايَا وَالْحُرُوبِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ خَصِيصًا عِنْدَ الْمَلِكِ أُزْبَكْ خَانَ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ شَابًّا حَسَنًا، وَكَانَ اسْمُهُ أَوَّلًا تَمَرْجِي، ثُمَّ لَمَّا عَظُمَ سَمَّى نَفْسَهُ جِنْكِزْخَانَ، وَكَانَ هَذَا الْمَلِكُ قَدْ قَرَّبَهُ وَأَدْنَاهُ، فَحَسَدَهُ عُظَمَاءُ الْمَلِكِ، وَوَشَوْا بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ عَلَيْهِ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ، وَلَمْ يَجِدْ لَهُ طَرِيقًا فِي ذَنْبٍ يَتَسَلَّطُ بِهِ عَلَيْهِ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ إِذْ تَغَضَّبَ الْمَلِكُ عَلَى مَمْلُوكَيْنِ صَغِيرَيْنِ فَهَرَبَا مِنْهُ وَلَجَآ إِلَى جِنْكِزْخَانَ فَأَكْرَمَهُمَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا يُضْمِرُهُ الْمَلِكُ أُزْبَكْ خَانَ مِنْ قَتْلِهِ وَالْهَمِّ بِهِ، فَأَخَذَ حِذْرَهُ وَتَحَيَّزَ بِدَوْلَةٍ، وَاتَّبَعَهُ طَوَائِفُ مِنَ التَّتَارِ، وَصَارَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أُزْبَكْ خَانَ يَنْفِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَفِدُونَ عَلَيْهِ، فَيُكْرِمُهُمْ وَيُعْطِيهِمْ حَتَّى قَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَكَثُرَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>