«مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً مِنْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ فَيَقُولُ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. فَيَرَى فِيهِ آفَةً دُونَ الْمَوْتِ» وَكَانَ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: ٣٩] قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ: عِيسَى بْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَنَسٍ، لَا يَصِحُّ.
ثُمَّ قَالَ الْمُؤْمِنُ لِلْكَافِرِ: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ} [الكهف: ٤٠] أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ} [الكهف: ٤٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ: أَيْ: عَذَابًا مِنَ السَّمَاءِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَطَرُ الْمُزْعِجُ الْبَاهِرُ، الَّذِي يَقْتَلِعُ زُرُوعَهَا وَأَشْجَارَهَا {فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: ٤٠] وَهُوَ التُّرَابُ الْأَمْلَسُ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا} [الكهف: ٤١] وَهُوَ ضِدُّ الْمَعِينِ السَّارِحِ {فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} [الكهف: ٤١] يَعْنِي، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: ٤٢] أَيْ: جَاءَهُ أَمْرٌ أَحَاطَ بِجَمِيعِ حَوَاصِلِهِ، وَخَرَّبَ جَنَّتَهُ، وَدَمَّرَهَا {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: ٤٢] أَيْ: خَرِبَتْ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا عَوْدَةَ لَهَا، وَذَلِكَ ضِدُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَمَّلَ حَيْثُ قَالَ: {وَمَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف: ٣٥] وَنَدِمَ عَلَى مَا كَانَ سَلَفَ مِنْهُ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي كَفَرَ بِسَبَبِهِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، فَهُوَ يَقُولُ: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف: ٤٢] قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا هُنَالِكَ} [الكهف: ٤٣] أَيْ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ يَتَدَارَكُ مَا فَرَطَ مِنْ أَمْرِهِ، وَمَا كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ فِي نَفْسِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: ١٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute