للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الرَّحْبَةِ الَّتِي يُبَاعُ فِيهَا الصَّنَادِيقُ عِنْدَ دَارِ بَنِي الْقَلَانِسِيِّ، شَرْقِيَّ حَمَّامِ سَامَةَ، وَكَانَ ظَرِيفًا كَيِّسًا زَاهِدًا، يَتَرَدَّدُ إِلَيْهِ الْأَكَابِرُ، وَدُفِنَ بِزَاوِيَتِهِ الْمَذْكُورَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْأَرْمَنِيُّ، أَحَدُ الْعُبَّادِ الزُّهَّادِ الَّذِينَ جَابُوا الْبِلَادَ، وَسَكَنُوا الْبَرَارِيَّ وَالْجِبَالَ وَالْوِهَادَ، وَاجْتَمَعُوا بِالْأَقْطَابِ وَالْأَبْدَالِ وَالْأَوْتَادِ، وَمِمَّنْ كَانَتْ لَهُ الْأَحْوَالُ وَالْمُكَاشَفَاتُ، وَالْمُجَاهَدَاتُ وَالسِّيَاحَاتُ، فِي سَائِرِ النَّوَاحِي وَالْجِهَاتِ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي بِدَايَتِهِ، وَحَفِظَ " الْقُدُورِيَّ " عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالْمُعَامَلَاتِ وَالرِّيَاضَاتِ، ثُمَّ أَقَامَ آخِرَ عُمْرِهِ بِدِمَشْقَ حَتَّى مَاتَ بِهَا، وَدُفِنَ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ.

وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَشْيَاءُ حَسَنَةٌ، مِنْهَا أَنَّهُ قَالَ: اجْتَزْتُ مَرَّةً فِي السِّيَاحَةِ بِبَلْدَةٍ، فَطَالَبَتْنِي نَفْسِي بِدُخُولِهَا، فَآلَيْتُ أَنْ لَا أَسْتَطْعِمَ مِنْهَا بِطَعَامٍ، وَدَخَلْتُهَا فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ غَسَّالٍ، فَنَظَرَ إِلَيَّ شَزْرًا، فَخِفْتُ مِنْهُ، وَخَرَجْتُ مِنَ الْبَلَدِ هَارِبًا، فَلَحِقَنِي وَمَعَهُ طَعَامٌ فَقَالَ: كُلْ فَقَدْ خَرَجْتَ مِنَ الْبَلَدِ. فَقُلْتُ لَهُ: وَأَنْتَ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَتَغْسِلُ الثِّيَابَ فِي الْأَسْوَاقِ؟! فَقَالَ: لَا تَرْفَعْ رَأْسَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَمَلِكَ، وَكُنْ عَبَدًا لِلَّهِ، وَلَوِ اسْتَعْمَلَكَ فِي الْحُشِّ فَارْضَ بِهِ. ثُمَّ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>