للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَارِدٌ، فَجَعَلْتُ أَسْتَحْيِي مِنْهُ، فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الْإِبْرِيقِ وَقَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، وَنَاوَلَنِي وَقَالَ: خُذْ، كَمْ تُكَاسِرُ. فَشَرِبْتُ.

وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ سُورُهَا بَعْدُ قَائِمًا حَدِيدًا عَلَى عِمَارَةِ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ قَبْلَ أَنْ يُخَرِّبَهُ الْمُعَظَّمُ، فَوَقَفَ لِأَصْحَابِهِ يُوَدِّعُهُمْ، وَنَظَرَ إِلَى السُّورِ وَقَالَ: كَأَنِّي بِالْمَعَاوِلِ وَهِيَ تَعْمَلُ فِي هَذَا السُّورِ عَمَّا قَرِيبٍ. فَقِيلَ لَهُ: مَعَاوِلُ الْمُسْلِمِينَ أَوِ الْفِرِنْجِ؟ فَقَالَ: بَلْ مَعَاوِلُ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ كَمَا قَالَ.

وَقَدْ ذُكِرَتْ لَهُ أَحْوَالٌ كَثِيرَةٌ حَسَنَةٌ. وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَهُ أَرْمَنِيٌّ، وَإِنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْيُونِينِيِّ. وَقِيلَ: بَلْ أَصْلُهُ رُومِيٌّ مِنْ قُونِيَةَ، وَأَنَّهُ قَدِمَ عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْيُونِينِيِّ، وَعَلَيْهِ بُرْنُسٌ كَبَرَانِسِ الرُّهْبَانِ، فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ. فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقَدْ كَانَتْ أُمُّهُ دَايَةُ امْرَأَةِ الْخَلِيفَةِ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ كَائِنَةٌ غَرِيبَةٌ، فَسَلَّمَهُ اللَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَعَرَفَهُ الْخَلِيفَةُ فَأَطْلَقَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>