وَغَيْرِهِمْ، تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَجَزَاهُ خَيْرًا، وَقَدْ وَضَعَ بِبَغْدَادَ الْمَدْرَسَةَ الْمُسْتَنْصِرِيَّةَ لِلْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَجَعَلَ فِيهَا دَارَ حَدِيثٍ وَمَارَسْتَانًا، وَحَمَّامًا وَدَارَ طِبٍّ، وَجَعَلَ لِمُسْتَحِقِّيهَا مِنَ الْجَوَامِكِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالْحَلَاوَاتِ وَالْفَوَاكِهِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي أَوْقَاتِهِ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَوْقَافًا عَظِيمَةً حَتَّى قِيلَ: إِنَّ ثَمَنَ التِّبْنِ مِنْ غَلَّاتِ رِيعِهَا يَكْفِي الْمَدْرَسَةَ وَأَهْلَهَا، وَوَقَفَ فِيهَا كُتُبًا نَفِيسَةً لَيْسَ لَهَا فِي الدُّنْيَا نَظِيرٌ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةُ جَمَالًا لِبَغْدَادَ، بَلْ لِسَائِرِ الْبِلَادِ.
وَقَدِ احْتَرَقَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْمَشْهَدُ الَّذِي بِسَامَرَّا الْمَنْسُوبُ إِلَى عَلِيٍّ الْهَادِي وَالْحَسَنِ الْعَسْكَرِيِّ، وَقَدْ كَانَ بَنَاهُ أَرْسَلَانُ الْبَسَاسِيرِيُّ فِي أَيَّامِ تَغَلُّبِهِ عَلَى تِلْكَ النَّوَاحِي، فِي حُدُودِ سَنَةِ خَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ الْمُسْتَنْصِرُ بِإِعَادَتِهِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَتِ الرَّوَافِضُ فِي الِاعْتِذَارِ عَنْ حَرِيقِ هَذَا الْمَشْهَدِ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ بَارِدٍ لَا حَاصِلَ لَهُ، وَصَنَّفُوا فِيهِ أَخْبَارًا، وَأَنْشَدُوا أَشْعَارًا كَثِيرَةً لَا مَعْنَى لَهَا، وَهُوَ الْمَشْهَدُ الَّذِي يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمُنْتَظَرُ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ، لَا عَيْنَ وَلَا أَثَرَ، وَلَوْ لَمْ يُبْنَ لَكَانَ أَجْوَدَ، وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوَادِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا بْنِ مُوسَى الْكَاظِمِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَاقِرِ بْنِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ بِكَرْبَلَاءَ، ابْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَقَبَّحَ مَنْ يَغْلُو فِيهِمْ وَيُبْغِضُ بِسَبَبِهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute