وَكَانَ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ، ثُمَّ انْجَلَى، وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ، وَفِي غَدِهِ احْمَرَّتْ وَقْتَ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ أَيَّامًا مُتَغَيِّرَةَ اللَّوْنِ، ضَعِيفَةَ النُّورِ، وَاللَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ثُمَّ قَالَ: وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ مَا صَوَّرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنَ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَهْلُ النِّجَامَةِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَمِنْ كِتَابٍ آخَرَ مِنْ بَعْضِ بَنِي الْفَاشَانِيِّ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ فِيهِ: وَصَلَ إِلَيْنَا فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ نَجَابَةٌ مِنَ الْعِرَاقِ، وَأَخْبَرُوا عَنْ بَغْدَادَ أَنَّهُ أَصَابَهَا غَرَقٌ عَظِيمٌ حَتَّى دَخَلَ الْمَاءُ مِنْ أَسْوَارِ بَغْدَادَ إِلَى الْبَلَدِ، وَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنَ الْبَلَدِ، وَدَخَلَ الْمَاءُ دَارَ الْخِلَافَةِ وَسَطَ الْبَلَدِ، وَانْهَدَمَتْ دَارُ الْوَزِيرِ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ دَارًا، وَانْهَدَمَ مَخْزَنُ الْخَلِيفَةِ، وَهَلَكَ مِنْ خِزَانَةِ السِّلَاحِ شَيْءٌ كَثِيرٌ بَلْ تَلِفَ كُلُّهُ، وَأَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى الْهَلَاكِ، وَعَادَتِ السُّفُنُ تَدْخُلُ إِلَى وَسَطِ الْبَلَدِ، وَتَخْتَرِقُ أَزِقَّةَ بَغْدَادَ.
قَالَ: وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّهُ جَرَى عِنْدَنَا أَمْرٌ عَظِيمٌ; لَمَّا كَانَ بِتَارِيخِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّالِثَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةَ وَمِنْ قَبْلِهَا بِيَوْمَيْنِ، عَادَ النَّاسُ يَسْمَعُونَ صَوْتًا مِثْلَ صَوْتِ الرَّعْدِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ - وَمَا فِي السَّمَاءِ غَيْمٌ حَتَّى نَقُولَ إِنَّهُ مِنْهُ - يَوْمَيْنِ إِلَى لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ، ثُمَّ ظَهَرَ الصَّوْتُ حَتَّى سَمِعَهُ النَّاسُ وَتَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ وَرَجَفَتْ بِنَا رَجْفَةً لَهَا صَوْتٌ كَدَوِيِّ الرَّعْدِ، فَانْزَعَجَ لَهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ، وَانْتَبَهُوا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute