هَذَا وَاحْتِيَالَهُمْ عَلَى مُخَالَفَةِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَفِرْقَةٌ أُخْرَى لَمْ يَفْعَلُوا وَلَمْ يَنْهَوْا، بَلْ أَنْكَرُوا عَلَى الَّذِينَ نَهَوْا وَقَالُوا: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا يَقُولُونَ لَهُمْ: مَا الْفَائِدَةُ فِي نَهْيِكُمْ هَؤُلَاءِ وَقَدِ اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ لَا مَحَالَةَ؟ فَأَجَابَتْهُمُ الطَّائِفَةُ الْمُنْكِرَةُ بِأَنْ قَالُوا: مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ أَيْ: فِيمَا أُمِرْنَا بِهِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَنَقُومُ بِهِ خَوْفًا مِنْ عَذَابِهِ. وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَيْ: وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ يَتْرُكُونَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ، فَيَقِيهِمُ اللَّهُ عَذَابَهُ وَيَعْفُو عَنْهُمْ إِذَا هُمْ رَجَعُوا وَاسْتَمَعُوا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَيْ: لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى مَنْ نَهَاهُمْ عَنْ هَذَا الصَّنِيعِ الشَّنِيعِ الْفَظِيعِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَهُمُ الْفِرْقَةُ الْآمِرَةُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيَةُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَهُمُ الْمُرْتَكِبُونَ الْفَاحِشَةَ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمُؤْلِمُ الْمُوجِعُ. بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ثُمَّ فَسَّرَ الْعَذَابَ الَّذِي أَصَابَهُمْ بِقَوْلِهِ: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ وَسَنَذْكُرُ مَا وَرَدَ مِنَ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَهْلَكَ الظَّالِمِينَ، وَنَجَّى الْمُؤْمِنِينَ الْمُنْكِرِينَ، وَسَكَتَ عَنِ السَّاكِتِينَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِمُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَوْلَيْنِ; فَقِيلَ: إِنَّهُمْ مِنَ النَّاجِينَ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ مِنَ الْهَالِكِينَ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِمَامُ الْمُفَسِّرِينَ، وَذَلِكَ عِنْدَ مُنَاظَرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute