سَادِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَحَكَى الشَّيْخُ قُطْبُ الدِّينِ الْيُونِينِيُّ فِي «الذَّيْلِ عَلَى الْمِرْآةِ» عَنِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ غَانِمٍ، عَنِ الْمَوْلَى تَاجِ الدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَثِيرِ كَاتِبِ السِّرِّ فِي أَيَّامِ النَّاصِرِ صَاحِبِ دِمَشْقَ، قَالَ: لَمَّا كُنَّا مَعَ السُّلْطَانِ النَّاصِرِ بِوَطْأَةِ بَرْزَةَ جَاءَتِ الْبَرِيدِيَّةُ يُخْبِرُونَ بِأَنَّ الْمُظَفَّرَ قُطُزَ قَدْ تَوَلَّى السَّلْطَنَةَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَقَرَأْتُ ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَانِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَأَخْبِرْهُمْ بِهَذَا. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَنِي بَعْضُ الْأَجْنَادِ فَقَالَ لِي: جَاءَكُمُ الْخَبَرُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِأَنَّ قُطُزَ قَدْ تَمَلَّكَ؟ فَقُلْتُ: مَا عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمٌ، وَمَا يُدْرِيكَ أَنْتَ بِهَذَا؟ فَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ إِنَّهُ سَيَلِي الْمَمْلَكَةَ، وَيَكْسِرُ التَّتَارَ. فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ هَذَا؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَخْدِمُهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ قَمْلٌ كَثِيرٌ، فَكُنْتُ أَفْلِيهِ وَأُهِينُهُ، فَقَالَ لِي يَوْمًا: وَيْلَكَ، أَيْشُ تُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ إِذَا مَلَكْتُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ مَجْنُونٌ؟! فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَنَامِ، وَقَالَ لِي: أَنْتَ تَمْلِكُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، وَتَكَسِرُ التَّتَارَ. وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ. فَقُلْتُ لَهُ حِينَئِذٍ - وَكَانَ صَادِقًا -: أُرِيدُ مِنْكَ إِمْرَةَ خَمْسِينَ فَارِسًا. فَقَالَ: نَعَمٌ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: فَلَمَّا قَالَ لِي هَذَا قُلْتُ: هَذِهِ كُتُبُ الْمِصْرِيِّينَ بِأَنَّهُ قَدْ تَوَلَّى السَّلْطَنَةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَكْسِرَنَّ التَّتَارَ. فَكَانَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ.
وَلَمَّا رَجَعَ النَّاصِرُ إِلَى نَاحِيَةِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَرَادَ دُخُولَهَا، وَرَجَعَ عَنْهَا وَدَخَلَهَا أَكْثَرُ الْجُيُوشِ الشَّامِيَّةِ كَانَ هَذَا الْأَمِيرُ الْحَاكِي فِي جُمْلَةِ مَنْ دَخَلَهَا، فَأَعْطَاهُ الْمُظَفَّرُ إِمْرَةَ خَمْسِينَ فَارِسًا وَوَفَى لَهُ بِالْوَعْدِ، وَهُوَ الْأَمِيرُ حُسَامُ الدِّينِ الْبَرَكَةُ خَانِيُّ. قَالَ ابْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute