للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنِّي قَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَحَضَرَ أَجَلِي فَادْفَعْ إِلَيَّ غُلَامًا فَلْأُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَدَفَعَ إِلَيْهِ غُلَامًا فَكَانَ يُعَلِّمُهُ السِّحْرَ وَكَانَ بَيْنَ الْمَلِكِ وَبَيْنَ السَّاحِرِ رَاهِبٌ فَأَتَى الْغُلَامُ عَلَى الرَّاهِبِ فَسَمِعَ مِنْ كَلَامِهِ فَأَعْجَبَهُ نَحْوُهُ وَكَلَامُهُ، وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ وَقَالَ: مَا حَبَسَكَ، وَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ ضَرَبُوهُ وَقَالُوا: مَا حَبَسَكَ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ: إِذَا أَرَادَ السَّاحِرُ أَنْ يَضْرِبَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُكَ أَنْ يَضْرِبُوكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ.

قَالَ: فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ فَظِيعَةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَجُوزُوا فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ أَمْرَ السَّاحِرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ أَمْ أَمْرَ الرَّاهِبِ قَالَ: فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ وَأَرْضَى مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَجُوزَ النَّاسُ، وَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى فَأَخْبَرَ الرَّاهِبَ بِذَلِكَ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ أَفْضَلُ مِنِّي، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ. فَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَسَائِرَ الْأَدْوَاءِ وَيَشْفِيهِمْ.

وَكَانَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ فَعَمِيَ فَسَمِعَ بِهِ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ: اشْفِنِي وَلَكَ مَا هَاهُنَا أَجْمَعُ. فَقَالَ: مَا أَنَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ آمَنْتَ بِهِ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ شَفَاكَ، فَآمَنَ فَدَعَا اللَّهَ فَشَفَاهُ، ثُمَّ أَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ مِنْهُ نَحْوَ مَا كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: يَا فُلَانُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ فَقَالَ: رَبِّي قَالَ: أَنَا قَالَ: لَا. رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. قَالَ: وَلَكَ رَبُّ غَيْرِي؟ قَالَ: نَعَمْ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>