للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، وَحَرَّفُوهَا وَأَوَّلُوهَا، وَوَضَعُوهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا وَلَا سِيَّمَا مَا يُبْدُونَهُ مِنَ الْمُعَرَّبَاتِ الَّتِي لَمْ يُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا، وَهِيَ بِلُغَتِهِمْ فَكَيْفَ يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِغَيْرِهَا، وَلِأَجْلِ هَذَا وَقَعَ فِي تَعْرِيبِهِمْ خَطَأٌ كَبِيرٌ، وَوَهْمٌ كَثِيرٌ مَعَ مَا لَهُمْ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْفَاسِدَةِ وَالْآرَاءِ الْبَارِدَةِ. وَهَذَا يَتَحَقَّقُهُ مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِهِمُ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ، وَتَأَمَّلَ مَا فِيهَا مِنْ سُوءِ التَّعْبِيرِ، وَقَبِيحِ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهُوَ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.

وَهَذِهِ التَّوْرَاةُ الَّتِي يُبْدُونَهَا، وَيُخْفُونَ مِنْهَا كَثِيرًا فِيمَا ذَكَرُوهُ فِيهَا تَحْرِيفٌ وَتَبْدِيلٌ وَتَغْيِيرٌ وَسُوءُ تَعْبِيرٍ، يَعْلَمُهُ مَنْ نَظَرَ فِيهَا، وَتَأَمَّلَ مَا قَالُوهُ وَمَا أَبْدَوْهُ وَمَا أَخْفَوْهُ، وَكَيْفَ يَصُوغُونَ عِبَارَةً فَاسِدَةَ الْبِنَاءِ وَالتَّرْكِيبِ، بَاطِلَةً مِنْ حَيْثُ مَعْنَاهَا وَأَلْفَاظُهَا. وَهَذَا كَعْبُ الْأَحْبَارِ مِنْ أَجْوَدِ مَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَكَانَ يَنْقُلُ شَيْئًا عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَحْسِنُ بَعْضَ مَا يَنْقُلُهُ ; لِمَا يُصَدِّقُهُ مِنَ الْحَقِّ، وَتَأْلِيفًا لِقَلْبِهِ فَتَوَسَّعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي أَخْذِ مَا عِنْدَهُ، وَبَالَغَ أَيْضًا هُوَ فِي نَقْلِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَثِيرٌ مِنْهَا مَا يُسَاوِي مِدَادَهُ، وَمِنْهَا مَا هُوَ بَاطِلٌ لَا مَحَالَةَ، وَمِنْهَا مَا هُوَ صَحِيحٌ لِمَا يَشْهَدُ لَهُ الْحَقُّ الَّذِي بِأَيْدِينَا.

وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>