الْحَمْدُ لِلَّهِ زَالَتْ دَوْلَةُ الصُّلْبِ ... وَعَزَّ بِالتُّرْكِ دِينُ الْمُصْطَفَى الْعَرَبِيِّ
هذا الذي كَانَتِ الْآمَالُ لَوْ طَلَبَتْ ... رُؤْيَاهُ فِي النَّوْمِ لَاسْتَحْيَتْ مِنَ الطَّلَبِ
مَا بَعْدَ عَكَّا وَقَدْ هُدَّتْ قَوَاعِدُهَا ... فِي الْبَحْرِ لِلشِّرْكِ عِنْدَ الْبَرِّ مِنْ أَرَبِ
لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعْدِهَا لِلْكُفْرِ إِذْ خَرِبَتْ ... فِي الْبَحْرِ وَالْبَرِّ مَا يُنْجِي سِوَى الْهَرَبِ
أُمُّ الْحُرُوبِ فَكَمْ قَدْ أَنْشَأَتْ فِتَنًا ... شَابَ الْوَلِيدُ بِهَا هَوْلًا وَلَمْ تَشُبِ
يَا يَوْمَ عَكَّا لَقَدْ أَنْسَيْتَ مَا سَبَقَتْ ... بِهِ الْفُتُوحُ وَمَا قَدْ خُطَّ فِي الْكُتُبِ
لَمْ يَبْلُغِ النُّطْقُ حَدَّ الشُّكْرِ فِيكَ فَمَا ... عَسَى يَقُومُ بِهِ ذُو الشِّعْرِ وَالْأَدَبِ
أَغْضَبْتَ عُبَّادَ عِيسَى إِذْ أَبَدْتَهُمُ ... لِلَّهِ أَيُّ رِضًى فِي ذَلِكِ الْغَضَبِ
وَأَشْرَفَ الْمُصْطَفَى الْهَادِي الْبَشِيرُ عَلَى ... ما أَسْلَفَ الْأَشْرَفُ السُّلْطَانُ مِنْ قُرَبِ
فَقَرَّ عَيْنًا لِهَذَا الْفَتْحِ وَابْتَهَجَتْ ... بِبُشْرِهِ الْكَعْبَةُ الْغَرَّاءُ فِي الْحُجُبِ
وَسَارَ فِي الْأَرْضِ سَيْرًا قَدْ سَمِعْتُ بِهِ ... فَالْبَرُّ فِي طَرَبٍ وَالْبَحْرُ فِي حَرَبِ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ جِدًّا، وَلَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي فَتْحِ عَكَّا أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ.
وَلَمَّا رَجَعَ الْبَرِيدُ أَخْبَرَ بِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمَّا عَادَ إِلَى مِصْرَ خَلْعَ عَلَى وَزِيرِهِ ابْنِ السَّلْعُوسِ جَمِيعَ مَلَابِسِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ، وَمَرْكُوبَهُ الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ، فَرَكِبَهُ وَرَسَمَ لَهُ بِثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ خِزَانَةِ دِمَشْقَ، لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا قَرْيَةَ قَرَحْتَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ انْتَهَتْ عِمَارَةُ قَلْعَةِ حَلَبَ بَعْدَ الْخَرَابِ الَّذِي أَصَابَهَا مِنْ هُولَاكُو وَأَصْحَابِهِ عَامَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ.