كَأَنَّ مَثَارَ النَّقْعِ لَيْلٌ وَخَفْقَهَا ... بُرُوقٌ وَأَنْتَ الْبَدْرُ وَالْفَلَكُ الْجَثْرُ
وَفَتْحٌ أَتَى فِي إِثْرِ فَتْحٍ كَأَنَّمَا ... سَمَاءٌ بَدَتْ تَتْرَى كَوَاكِبُهَا الزُّهْرُ
فَكَمْ قَطَمَتْ طَوْعًا وَكَرْهًا مَعَاقِلًا ... مَضَى الدَّهْرُ عَنْهَا وَهْيَ عَانِسَةٌ بِكْرُ
بَذَلْتَ لَهَا عَزْمًا فَلَوْلَا مَهَابَةٌ ... كَسَاهَا الْحَيَا جَاءَتْكَ تَسْعَى وَلَا مَهْرُ
قَصَدْتَ حِمًى مِنْ قَلْعَةِ الرُّومِ لَمْ يُبَحْ ... لِغَيْرِكَ إِذْ غَرَّتْهُمُ الْمُغْلُ فَاغْتَرُّوا
وَوَالُوهُمْ سِرًّا لِيُخْفُوا أَذَاهُمُ ... وَفِي آخِرِ الْأَمْرِ اسْتَوَى السِّرُّ وَالْجَهْرُ
صَرَفْتَ إِلَيهِمْ هِمَّةً لَوْ صَرَفَتْهَا ... إِلَى الْبَحْرَ لَاسْتَوْلَى عَلَى مَدِّهِ الْجَزْرُ
وَمَا قَلْعَةُ الرُّومِ الَّتِي حُزْتَ فَتْحَهَا ... وَإِنْ عَظُمَتْ إِلَّا إِلَى غَيْرِهَا جِسْرُ
طَلِيعَةُ مَا يَأْتِي مِنَ الْفَتْحِ بَعْدَهَا ... كَمَا لَاحَ قَبْلَ الشَّمْسِ فِي الْأُفُقِ الْفَجْرُ
فَصَبَّحْتَهَا بِالْجَيْشِ كَالرَّوْضِ بَهْجَةً ... صَوَارِمُهُ أَنْهَارُهُ وَالْقنَا الزُّهْرُ
وَأَبْعَدْتَ بَلْ كَالْبَحْرِ وَالْبَيْضُ مَوْجُهُ ... وَجُرْدُ الْمَذَاكِي السُّفْنُ وَالْخُوَذُ الدُّرُ
وَأَغْرَبْتَ بَلْ كَاللَّيْلِ عُوجُ سُيُوفِهِ ... أَهِلَّتُهُ وَالنَّبْلُ أَنْجُمُهُ الزَّهْرُ
وَأَخْطَأْتَ لَا بَلْ كَالنَّهَارِ شُمُوسُهُ ... مُحَيَّاكَ وَالْآصَالُ رَايَاتُكَ الصُّفْرُ
لُيُوثٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ آجَامُهَا الْقَنَا ... لَهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي ذَوِي ظُفُرٍ ظُفْرُ
فَلَا الرِّيحُ تَجْرِي بَيْنَهُمْ لِاشْتِبَاكِهَا ... عَلَيْهِمْ وَلَا يَنْهَلُّ مِنْ فَوْقِهِمْ قَطْرُ
عُيُونٌ إِذَا الْحَرْبُ الْعَوَانُ تَعَرَّضَتْ ... لِخُطَّابِهَا بِالنَّفْسِ لَمْ يَغْلُهَا مَهْرُ