وَغَسَلَ آثَارَ الْعَسَاكِرِ مِنَ الْأَوْسَاخِ وَغَيْرِهَا، وَعَادَ التَّقِيُّ تَوْبَةُ مِنْ تَوْدِيعِ الْوَزِيرِ، وَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ نَظَرَ الْخِزَانَةِ، وَعَزَلَ عَنْهَا شِهَابَ الدِّينِ بْنَ النَّحَّاسِ، وَدَرَّسَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بِالنَّاصِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْقَاضِي بَدْرِ الدِّينِ بْنِ جَمَاعَةَ فِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ آخَرِ يَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ.
وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تَحَدَّثَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِوُقُوعِ تَخْبِيطٍ بَيْنَ الْعَسْكَرِ وَخُلْفٍ وَتَشْوِيشٍ، فَغُلِّقَ بَابُ الْقَلْعَةِ الَّذِي يَلِي الْمَدِينَةَ، وَدَخَلَ الصَّاحِبُ شِهَابُ الدِّينِ إِلَيْهَا مِنْ بَابِ الْخَوْخَةِ، وَتَهَيَّأَ النَّائِبُ وَالْأُمَرَاءُ، وَرَكِبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ عَلَى بَابِ النَّصْرِ وُقُوفًا هُنَالِكَ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَصْلَ السُّلْطَانُ الْمَلِكُ الْعَادِلُ كَتْبُغَا إِلَى الْقَلْعَةِ فِي خَمْسَةِ أَنْفُسٍ أَوْ سِتَّةٍ مِنْ مَمَالِيكِهِ، فَدَخَلَ الْقَلْعَةَ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الْأُمَرَاءُ، وَأَحْضَرَ ابْنَ جَمَاعَةَ وَحُسَامَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ، وَتَجَدَّدَ تَحْلِيفُ الْأُمَرَاءِ ثَانِيَةً فَحَلَفُوا لَهُ، وَخَلَعَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى نُوَّابِ الْأَمِيرِ حُسَامِ الدِّينِ لَاجِينَ وَحَوَاصِلِهِ، وَأَقَامَ الْعَادِلُ بِالْقَلْعَةِ هَذِهِ الْأَيَّامَ، وَكَانَ الْخُلْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَهُمْ بِوَادِي فَحْمَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمِيرَ حُسَامَ الدِّينِ لَاجِينَ كَانَ قَدْ وَاطَأَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ فِي الْبَاطِنِ عَلَى الْعَادِلِ، وَتَوَثَّقَ مِنْهُمْ، وَأَشَارَ عَلَى الْعَادِلِ حِينَ خَرَجُوا مِنْ دِمَشْقَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَهُ الْخِزَانَةَ; وَذَلِكَ لِئَلَّا يَبْقَى بِدِمَشْقَ شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ يَتَقَوَّى بِهِ الْعَادِلُ إِنْ فَاتَهُمَ وَرَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ، وَيَكُونُ قُوَّةً لَهُ هُوَ فِي الطَّرِيقِ عَلَى مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنَ الْغَدْرِ، فَلَمَّا كَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute