تَرَى الْمَوْتَ مَعْقُودًا بِهُدْبِ نِبَالِهِمْ
إِذَا مَا رَمَاهَا الْقَوْسُ وَالنَّظَرُ الشَّزْرُ … فَفِي كُلِّ سَرْجٍ غُصْنُ بَانٍ مُهَفْهَفٌ
وَفِي كُلِّ قَوْسٍ مَدَّهُ سَاعِدٌ بَدْرُ … إِذَا صَدَمُوا شُمَّ الْجِبَالِ تَزَلْزَلَتْ
وَأَصْبَحَ سَهْلًا تَحْتَ خَيْلِهِمُ الْوَعِرُ … وَلَوْ وَرَدَتْ مَاءَ الْفُرَاتِ خُيُولُهُمْ
لَقِيلَ هُنَا قَدْ كَانَ فِيمَا مَضَى نَهْرُ … أَدَارُوا بِهَا سُورًا فَأَضْحَتْ كَخِنْصَرٍ
لَدَى خَاتَمٍ أَوْ تَحْتَ مِنْطَقَةٍ خَصْرُ … وَأَرْخُوا إِلَيْهَا مِنْ بِحَارٍ أَكُفِّهِمْ
سَحَابَ رَدًى لَمْ يَخْلُ مِنْ قَطْرِهِ قُطْرُ … كَأَنَّ الْمَجَانِيقَ الَّتِي قُمْنَ حَوْلَهَا
رَوَاعِدُ سُخْطٍ وَبْلُهَا النَّارُ وَالصَّخْرُ … أَقَامَتْ صَلَاةَ الْحَرْبِ لَيْلًا صُخُورُهَا
فَأَكْثَرُهَا شَفْعٌ وَأَكْثَرُهَا وِتْرُ … وَدَارَتْ بِهَا تِلْكَ النُّقُوبُ فَأَشْرَفَتْ
وَلَيْسَ عَلَيْهَا فِي الَّذيِ فَعَلَتْ حَجْرُ … فَأَضْحَتْ بِهَا كَالصَّبِّ يُخْفِي غَرَامَهُ
حَذَارِ أَعَادِيهِ وَفِي قَلْبِهِ جَمْرُ … وَشَبَّتْ بِهَا النِّيرَانُ حَتَّى تَمَزَّقَتْ
وَبَاحَتْ بِمَا أَخْفَتْهُ وَانْهَتَكَ السِّتْرُ … فَلَاذُوا بِذَيْلِ الْعَفْوِ مِنْكَ فَلَمْ يَخِبْ
رَجَاهُمْ وَلَوْ لَمْ يَشُبْ قَصْدَهُمْ مَكْرُ … وَمَا كَرِهَ الْمُغْلُ اشْتِغَالَكَ عَنْهُمُ
بِهَا عِنْدَمَا فَرُّوا وَلَكِنَّهُمُ سُرُّوا … فَأَحْرَزْتَهَا بِالسَّيْفِ قَسْرًا وَهَكَذَا
فُتُوحُكُ فِيمَا قَدْ مَضَى كُلُّهُ قَسْرُ … وَأَضْحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ ثَغْرًا مُمَنَّعًا
تَبِيدُ اللَّيَالِي وَالْعِدَى وَهو مُفْتَرُّ … فَيَا أَشْرَفَ الْأَمْلَاكِ فُزْتَ بِغَزْوَةٍ
تَحَصَّلَ مِنْهَا الْفَتْحُ وَالذِّكْرُ وَالْأَجْرُ …